هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كتب الأستاذ جمال سلطان عدة مقالات يطالب فيها الإخوان بالاعتذار للشعب المصري، وكذلك في حلقة على قناة الجزيرة مباشر يوم الإثنين الماضي، وقد شاركه الحلقة الدكتور طلعت فهمي، وقد كانت الحلقة موضع ملاحظات على الجميع بما فيهم مقدم الحلقة الإعلامي الكبير الأستاذ أحمد طه.
لقد تبنى جمال سلطان في مقالاته وحلقته، وجهة نظر أن الإخوان عليهم الاعتذار للشعب المصري والثورة المصرية، متهما الإخوان بأنهم خانوا الثورة، وأفشلوها ولذا وجب عليهم الاعتذار، ولنتفق على أمور تاريخيا موثقة وليست من زمن بعيد، وستكون هي موضع نقاشي مع جمال سلطان، معترفا في بداية الأمر أن كل القوى المدنية: إسلاميين وغير إسلاميين، قد أخطأ، ويختلف خطأ كل منهم، بين الخطأ والخطيئة، وأننا نحتاج إلى رصد دقيق يحدد فيه كل طرف ما وقع فيه، ومدى الاعتذار المطلوب منه. وأن الاعتذار مطلوب من الجميع، وليس من فصيل واحد.
بعد عزل مبارك، كان أول سعي نحو الفلول والعسكر والانضمام إليهم، للأسف كان مما يطلق عليه القوى المدنية، وقد كان ذلك عن طريق رجل العسكر ومفكرهم محمد حسنين هيكل، فقد استقرت قوى الثورة على أن يكون خطيب الميدان في جمعة النصر الشيخ يوسف القرضاوي، بحكم أنه أكبر رمز ديني أيد الثورة المصرية، فماذا كان موقف القوى المدنية غير الإسلامية؟ لقد علق هيكل بقوله: عودة الخميني، وراحت معظم هذه المنصات الثورية تردد ذلك.
وعندما خرج أبناء الأزهر من ثوار يناير يطالبون بعزل شيخ الأزهر المؤيد لمبارك، أول من خرج ضد هذه الإرادة كانت أيضا القوى المدنية غير الإسلامية، وقالوا: شيخ الأزهر خط أحمر، شيخ الأزهر عضو لجنة السياسات التي خرجت هذه الحشود من الأزهريين المعمين تطالب بعزله، والوصول بالمشيخة إلى نظام مؤسسي ثوري، ومع ذلك رفضت هذه القوى المدنية غير الإسلامية ذلك، وانحازت لشيخ كان مع مبارك حتى آخر لحظة، وضد الثورة.
والحديث يطول عن هذه الممارسات للقوى المدنية غير الإسلامية، فهل قامت بأي اعتذار عن كل ما حدث؟ لقد قام التيار الإسلامي - وفي القلب منه الإخوان - بنقد قياداته، بما لم يحدث في تيار آخر، ويكفي الأستاذ جمال أن يطلع فقط على ما كتبه العبد الفقير عصام تليمة وغيره من قيادات فكرية في الإخوان، وفي التيار الإسلامي، لا يمكن أن يضاهى ما قام به أبناء التيار الإسلامي من نقد لفصيله، بأي مستوى نقدي آخر، وهذا يحسب لنا لا علينا، ولا يزال النقد مستمرا.
هل اعتذر الأستاذ جمال سلطان عن موقفه وتأييده للثلاثين من يونيو، وقد كتب بنفسه أنه يثق في هؤلاء العسكر، وكتب مقالا بعنوان: مصر الآن في يد أمينة ولكن، بتاريخ: 4- 7-2013م فإذا كان يلوم على الإخوان ثقتهم الشديدة في العسكر، وأنهم ضمنوا العسكر في جيوبهم، ولذا ورط الإخوان الإسلاميين وغيرهم في تجربتهم في الحكم، وفشلوا.
وقد وقع جمال سلطان في نفس الفخ الذي ينكره على الإخوان، ففي مقاله سالف الذكر، يؤمل في العسكر، ويثق فيهم، ويطمئن إليهم، ويبرر ما تم فعله من مصادرة المنابر الإعلامية الإسلامية، وبانيا ثقته على الجيش، والكنيسة والبابا تواضروس، وموقع المصريون كان قبل ثورة يناير وبعده، معروف موقفه من تغول الكنيسة، وتجاوزها وتخطيها للدولة والقانون، فهل يعتذر جمال سلطان عن كل هذه الثقة في هذه المؤسسات التي يلوم فيها على الإخوان ثقتهم فيها؟!!
لقد صب جمال سلطان جام غضبه على الإخوان، والملاحظ أنه عند الحديث عن السيسي يذكره بالرئيس السيسي، دون أدنى إشارة لجرائمه التي تصل للخيانة العظمى، التي لو فعل الرئيس محمد مرسي عشرها لما رحمه الناس ولا التاريخ، ولم ينل السيسي من سلطان معشار هجومه ونقده للإخوان، ولست بذلك أذهب إلى منع نقد الإخوان، لكن عندما تطلق قلمك في الإخوان، وتقيده عن السيسي، عندئذ يختل ميزان الإنصاف.
والعجيب أن الأستاذ جمال سلطان كتب في تاريخ: 21 يناير 2014م يشيد ببيان للإخوان المسلمين، فقد كتب تغريدة على تويتر يقول فيها: بيان الإخوان المسلمين اليوم هو الأول من نوعه في تاريخ الجماعة إذ تعتذر للشعب عن أخطائها وسوء إدارتها وتعترف بذلك، وهو بيان إيجابي في عمومه). ولا أدري ما الجديد الذي جد ليطلب جمال سلطان من الإخوان اعتذارا آخر في سنة 2018م.؟!!!
الحديث عن أخطاء القوى المدنية غير الإسلامية رموزا وأفرادا وكيانات لا يتسع له المقام لمقال واحد، ولكنها إشارة سريعة تحتاج لتفصيل آخر، نتكلم عنه في مقال آخر إن شاء الله.
Essamt74@hotmail.com