كتاب عربي 21

ملائكة وشياطين

عبد الرحمن يوسف
1300x600
1300x600

كلنا بشر... لسنا ملائكة ولسنا شياطين... ولكننا في هذه اللحظات نرى بعض الناس - لأنهم اتخذوا موقفا، أو قالوا كلمة حق - وكأنهم ملائكة... ونرى آخرين للسبب نفسه وكأنهم شياطين.

هذه رسائل أوجهها لبعض البشر... بشر يظنهم البعض ملائكة، وآخرين يظنهم البعض شياطين!

الرسالة الأولى: إلى صلاح جمال خاشقجي...

أحسن الله عزاءك يا أخي العزيز أنت وكل أسرتكم الكريمة...

العالم كله يمسح دمعتكم بيد حانية، وبقلب مكلوم، ويدعو لفقيدنا وفقيدكم!

لقد شاء الله لوالدكم الكريم أن يرحل بعد أن يترك أثرا لا يمكن أن يمحوه الزمان، فالعالم كله يتغير بهذا الرحيل المؤلم، وكل حرف كتبه سيدخل كتاب الخلود.

كم هو جميل أن يعيش الإنسان من أجل فكرة، ولكن الرائع أن يموت لها، أما أروع ما يمكن أن يحدث لكل مؤمن بفكرة... أن يكون دمه فداء فكرته، وأن يكون فناؤه تاريخ ميلاد جديد لما آمن به... إنه رحيل عظيم... أتمناه لنفسي... ويتمناه كل مؤمن بالحرية.

هنيئا لجمال خاشقجي في دنياه وأخراه!

أما أنتم يا أبناءه الكرام... فتأكدوا أن العالم كله سيدعمكم من أجل القصاص من قاتله الحقيقي، ومن أجل نشر أفكاره، وتحقيق أهدافه، فسيروا... ونحن معكم لكي تتحرر أوطاننا... ولكي يتحرر الإنسان في كل مكان.

* * *

الرسالة الثانية: إلى فضيلة الشيخ سلمان العودة...

لا شك أن الزنزانة موحشة يا سيدي، ولا أعلم إن كنت تعرف ما جرى لجمال خاشقجي.. لقد نحروه، وقطعوا أوصاله، وربما أذابوه في حمض الكبريتيك المركز حتى يكاد لا يوجد له أثر!

أبشرك بقرب الإفراج عنك، ستخرج كما دخلت، مرفوع الرأس، لا منة لأحد عليك، ولكن حب الناس واحترامهم لك سيزيدان، وسيختبرك الله - بعد خروجك سالما - اختبارا عظيما... أنت له أهل.

ستتهاوى عروش يا سيدي، ودورنا أن نرعى تماسك المجتمعات بعد أن تنهار العروش وتتفكك الجيوش.

ما أقسى لحظات التغيير... والأمة كلها مقبلة على لحظة تغيير كبرى لها ما بعدها... أعاننا وأعانكم الله.

لقد أدخلوك السجن لأنك دعوت لتأليف القلوب، وبعد أن دارت الأيام أفلسوا... وأذلهم الله... وبدأوا بالتلميح للصلح، وكل من أساء لك لا شك سيوضع في موقعه في كتاب التاريخ.

* * *

الرسالة الثالثة: إلى الشيخ عائض القرني...

لست ممن يحاسبون على النوايا، فهي من شأن رب العباد، ولكني أحاسبك على مواقفك المعلنة، على اختياراتك السياسية الواضحة التي لا تحتمل التأويل.

كم أنت رخيص يا سيدي!

لا بارك الله في علم شرعي يحض عالما مثلك على الوقوف مع السلطة الظالمة في المملكة، وهي في أقسى وأقصى لحظات ظلمها وظلاميتها، يمدحهم نثرا وشعرا، بالفصحى والعامية، في السر والعلن، ثم بعد ذلك يُطلب منا توقير العلم والعلماء... العلم بريء من أمثالكم!

ماذا تعلمت من كتاب الله وسنة رسوله؟ وكيف تُعلم الناس بعد ذلك؟

العلم تكليف لا تشريف!

أنت الآن عارٍ وعارٌ... عُرّيت من ستر الله باختيارك أن تقف مع هذه العصابة من أعداء الدين، وصرت عارا على العلم الشرعي والدعوة إلى الله بتبريراتك المبتذلة لسيف القاتل.

ستنكشف الغمة التي نحن فيها، وستجد نفسك وحدك، وستقف وحدك أمام الله في يوم قريب.

ليس غريبا على من يسرق كتب غيره وينسبها لنفسه أن يسرق الأضواء بابتساماته في صوره مع السفاح...!

يتجمل الطغاة بابتساماتك وأشعارك... وتأكد أنك ستدفع قريبا ثمن ذلك في الدنيا قبل الآخرة!

* * *

الرسالة الرابعة: إلى الصديق الغالي مصطفى النجار...

هل تذكر يا صديقي في أواخر شباط/ فبراير 2011 بعد خلع مبارك؟

كنا نجلس في مقهى في وسط البلد بالقاهرة، وقلت لك: "هل يعقل أن تتحرر مصر بأقل من ألف شهيد؟".

قلت لي: "لولا أن ذلك حدث لما صدقنا!".

كان خلع مبارك انتصارا بالضربة القاضية، كان نصرا عظيما لم يتخيله أكبر المراكز البحثية، ولا أكبر أجهزة الاستخبارات في العالم (أعني خلعه سلميا، بهذه الطريقة، في هذا الوقت القصير)!

لقد التف خصمنا علينا يا صديقي، وقطع ذراعه النجسة (مبارك)، ونبتت له ألف ذراع تشرب من بئر النجاسة ذاتها.

أنت الآن محتجز في زنزانة ما، عند مليشيات لا يعلمها إلا الله.. مليشيات أمن الدولة، أو مليشيات المخابرات العسكرية... إلخ... لا فرق، فكلها عصابات مسلحة لا يحكمها أي قانون، ولا يكبح إجرامها أخلاق.

سنلتقي يا صديقي قريبا، وسنتذكر أياما ما كنا نتخيل أن نعيشها!

* * *

الرسالة الخامسة: إلى شباب قطر ضد التطبيع...

ما أروع أن يقف الإنسان مع المبدأ، وأن يقول كلمة الحق ولو على نفسه والأقربين!

تحية لكل شباب قطر الذين اعترضوا علنا على وجود منتخب الجمباز لدولة الاحتلال الصهيوني في قطر، ضمن فعاليات بطولة كأس العالم للجمباز.

التطبيع مرفوض من الجميع، ولا خير من ورائه، وهو شر مطلق، ولا ينبغي على الشعوب العربية والإسلامية إلا أن تقاوم التطبيع بكل الطرق.

 

موقع الكتروني: www.arahman.net
بريد الكتروني: arahman@arahman.net

التعليقات (0)

خبر عاجل