سياسة دولية

إثر التوتر مع روسيا.. أوكرانيا تفرض قانون الأحكام العرفية

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "قلقه البالغ" إزاء القرار الأوكراني- جيتي
أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن "قلقه البالغ" إزاء القرار الأوكراني- جيتي

صادق البرلمان الأوكراني، الاثنين، على طلب رئيس الوزراء بيترو بوروشنكو، فرض قانون الأحكام العرفية لمدة 30 يوما، في أعقاب التوتر الأخير مع روسيا في البحر الأسود.

 

وفي السياق ذاته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،عن "قلقه البالغ" إزاء القرار الأوكراني.

  

وصوت أعضاء برلمان كييف لصالح هذا الإجراء الذي سيتيح للسلطات، على مدى شهر، أن تقوم بتعبئة مواطنيها وتنظيم وسائل الإعلام والحد من التجمعات العامة.

وفي خطاب متلفز موجه إلى الأمة، برر بوروشنكو هذا الإجراء الذي لم يسبق له مثيل منذ استقلال هذه الجمهورية السوفياتية السابقة في العام 1991، بوجود "تهديد مرتفع للغاية" بإمكان حصول هجوم برّي روسي.

وتواجه كييف وموسكو أسوأ أزمة منذ سنوات، بعد احتجاز القوات الروسية ثلاث سفن أوكرانية الأحد إثر اتهامها بدخول المياه الروسية بشكل غير شرعي قبالة سواحل القرم في بحر آزوف. 

ووضع الجيش الأوكراني في حالة تأهب قصوى، في وقت اتهم بوروشنكو روسيا ببدء "مرحلة جديدة من العدوان". 

وبث التلفزيون الروسي الاثنين لقطات تظهر بحارة أوكرانيين اعتقلتهم موسكو بعد احتجازها السفن الثلاث. 

وعرضت قناة "روسيا 24" الرسمية مشاهد لعدد من البحارة خلال التحقيق معهم من جانب أجهزة الأمن الروسية.

 

اقرأ أيضا: أوكرانيا تطالب روسيا بإطلاق سراح البحارة وإعادة السفن

وفي إحدى اللقطات، يسمع أحد البحارة يقول "إن "تصرفات البوارج الأوكرانية في مضيق كيرتش لها طابع استفزازي"، مكررا بذلك وجهة نظر السلطات الروسية حيال ما حدث. 

وتقول أوكرانيا إن روسيا أغلقت المضيق بطريقة غير شرعية وتصرفت على نحو مخالف للقانون الدولي عبر احتجاز السفن والبحارة. وطالبت موسكو بالإفراج عن السفن.

تحركات خارجة عن القانون


أثار الحادث مخاوف من اتّساع التصعيد العسكري، وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الاثنين حذرت خلالها سفيرة الولايات المتحدة نيكي هايلي روسيا من "التحركات الخارجة عن القانون". 

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من جهته في بيان إن "الولايات المتحدة تدين هذا العمل العدواني من جانب روسيا". وأضاف إن بلاده تطلب من روسيا أن "تعيد إلى أوكرانيا سفنها وبحارتها المحتجزين، وأن تحترم سيادتها ووحدة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دوليا بما في ذلك مياهها الإقليمية".

ويأتي هذا التحذير الأمريكي قبل أيام من اجتماع مرتقب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس بالأرجنتين. وقال ترامب لصحفيين: "لم يعجبنا ما حدث"، مؤكدا أن واشنطن وأوروبا تعملان "معا" في هذا الشأن.

 

اقرأ أيضا: اجتماع طارئ للناتو على خلفية التصعيد بين كييف وموسكو

وتعتبر هذه المواجهة تطورا خطيرا في النزاع الطويل بين أوكرانيا وروسيا والمدعومين من موسكو في شرق أوكرانيا. وقتل أكثر من 10 آلاف شخص في هذا النزاع. 

وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات حاليا على روسيا بسبب النزاع، وسارعت العواصم الأوروبية الاثنين إلى الوقوف وراء كييف. 

واتّهم حلفاء أوكرانيا الغربيون روسيا باستخدام القوّة بلا مبرر في المواجهة البحريّة، بينما دعت كييف شركاءها إلى فرض مزيد من العقوبات على موسكو. 

وقال وزير الخارجية الأوكراني بافلو كليمكين لصحفيين في كييف: "هذه أعمال عدائية مخطط لها من اتحاد روسيا ضد أوكرانيا". 

"مرحلة جديدة"


واتهم بوروشنكو روسيا بإدخال البلدين في مستوى جديد من النزاع. 

وقال إن الحادث أظهر "المشاركة المتغطرسة والعلنية للوحدات النظامية من الجيش الروسي" في النزاع مع أوكرانيا. 

واعتبر أن ذلك "يغير الوضع" لأن روسيا نفت في السابق ضلوع قواتها النظامية في النزاع في أوكرانيا. 

وأصرت موسكو على أن اللوم يقع على كييف. وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الاثنين أن "الجانب الروسي تصرف بشكل يتطابق تماما مع القوانين، القانون الدولي والقانون الداخلي في آن معا"، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ"انتهاك سفن حربية أجنبية المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية".

واندلعت الأزمة عندما كانت السفن الأوكرانية تمر في مضيق كيرتش المؤدي إلى بحر آزوف من البحر الأسود، والذي تستخدمه أوكرانيا وروسيا. 

وقالت أوكرانيا إن سفينة تابعة لحرس الحدود الروسي صدمت سفينة قطر أوكرانية وبعد ذلك أطلقت النار على السفن وشلت حركتها. وأضافت أن مضيق كيرتش أغلق بناقلة نفط وأن طائرات الجيش الروسي كانت تحلق فوق البحر.

 

اقرأ أيضا: إثر التوتر مع موسكو.. برلمان كييف يبحث فرض الأحكام العرفية

وأكّد جهاز "أف أس بي" الأمني الروسي المشرف على قوات الحدود، أن النيران أطلقت وأن السفن احتجزت، متهما السفن الأوكرانية بـ"انتهاك الحدود الروسية". 

ونشر وزير الداخلية الأوكراني تسجيل فيديو على "تويتر" يبدو أنه من إحدى السفن الروسية يظهر قارب القطر عند مطاردته والاصطدام به، يتخلله أوامر وإهانات باللغة الروسية. 

وعرضت شبكات التلفزيون الروسية تسجيلا مشابها بعد إزالة الصوت ولحظة الاصطدام. 

وقالت أوكرانيا إن ستة من بحارتها أصيبوا وإن إصابة اثنين منهم خطيرة. بينما قال جهاز "أف أس بي" إنّ ثلاثة فقط أصيبوا بجروح غير خطيرة وتلقّوا علاجاً طبياً. 

وذكر مسؤولون روس أنّ 24 بحّارًا أوكرانيًا محتجزون، وأنه تم فتح تحقيق جنائي. 

أوروبا تؤيد كييف


وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك على "تويتر": "أدين استخدام روسيا للقوة في بحر آزوف" مضيفا أن "السلطات الروسية يجب أن تعيد البحارة والسفن الأوكرانية والامتناع عن أي استفزاز جديد".

وعبّر سفراء فرنسا وبريطانيا والسويد وبولندا وهولندا في بيان مشترك عن "مخاوفهم من تصاعد التوتر الأخير في بحر آزوف ومضيق كيرتش"، وحضّوا روسيا على إطلاق سراح البحّارة وإعادة السفن.

وأكدت فرنسا أنها لا ترى "مبررا ظاهرا في استخدام روسيا القوة" ضد السفن الأوكرانية. 

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن أي إغلاق روسي لبحر آزوف "غير مقبول" مقترحا وساطة فرنسية ألمانية لحل الأزمة. 

وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: "ندين العمل العدائي الروسي" مضيفا أن "الحادث يوفر مزيدا من الأدلة على سلوك روسيا المزعزع لاستقرار المنطقة". 

وطالب قائد حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ روسيا بإرجاع السفن والبحارة، محذرا موسكو من أن "تحركاتها ستكون لها تداعيات". 

وأجرى ستولتنبرغ مكالمة هاتفية مع بوروشنكو قبل أن يجري مسؤولون من الجانبين محادثات طارئة في مقر الحلف في بروكسل.

 

اقرأ أيضا: الرئيس الأوكراني يدعو قادة الجيش لاجتماع طارئ

وتتصاعد التوترات منذ فترة حول مضيق كيرتش حيث بنت روسيا جسراً جديداً يربط برًا بينها وبين منطقة القرم التي ضمتها روسيا في 2014. 

واتهمت كييف موسكو بمنع دخول السفن الأوكرانية عبر مضيق كيرتش، الذي يعتبر الطريق الوحيد للدخول والخروج من بحر آزوف إلى البحر الأسود. 

وفي الأشهر الأخيرة نشر الجانبان مزيدا من السفن الحربية وسفن خفر السواحل في المنطقة. 

وذكرت مجموعة يوراسيا للأبحاث أنّ "الحادث يشير إلى تصعيد كبير للنزاع بين روسيا وأوكرانيا". 

وأضافت: "ستقف الحكومات الغربية إلى جانب أوكرانيا في مواجهة روسيا في هذا الحادث، ما يرجح فرضها عقوبات جديدة على موسكو". 

وتجمّع محتجون في العديد من المدن الأوكرانية للتنديد بروسيا، وتوجه مئات من النشطاء اليمينيين المتطرفين إلى البرلمان في كييف، وأشعلوا المفرقعات. 

 
التعليقات (0)