قضايا وآراء

"الإخوان".. جماعة عامة أم ملكية خاصة؟!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

كلما تنادى الكتاب والمفكرون بأن على جماعة الإخوان مراجعة الفترة الماضية من تاريخها وأدائها، وبخاصة ما كان من أدائها بعد ثورة 25 يناير وسنة الحكم، ثم الانقلاب وما بعده، وأن تعلن عن مراجعاتها وما تم فيها، وتكشف بوضوح عن شفافية إدارتها الدعوية والمالية.. يكون الرد من بعض قياداتها: أن مراجعات الإخوان لا يحق لأحد المطالبة بها إلا للإخوان فقط، وأن محاسبة مسؤوليها ملك لأفراد الجماعة فقط!!

 

مبادئ الجماعة

 

وهذا كلام يتناقض تماما مع فكر جماعة الإخوان الحقيقي، فبنظرة سريعة على مبادئ الجماعة التي يعلنها - حتى قياداتها التي ترفض المراجعة والمحاسبة - يثبت أن من يرفض المراجعة والاعتراف بالخطأ هو يسير على عكس خطى حسن البنا، وعكس الخط العام الذي ضحى لأجله مفكرون كبار في الجماعة من بعده.

 

إقرأ أيضا: هل جماعة الإخوان في حاجة إلى مراجعات؟

فالحالة الوحيدة التي من حقك أن ترفض فيها المحاسبة والمراجعة المعلنة، عندما تكون جماعة خاصة، وهذا لا ينطبق على الإخوان لا من حيث تاريخها، أو مبادئها، فالإخوان أهدافها كما أوضحها مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا، ولا تزال هذه الأهداف تعلن تحت عنوان: (مراتب العمل)، وهي: الفرد المسلم، والأسرة المسلمة، والمجتمع المسلم، والدولة المسلمة، والأمة المسلمة، وأستاذية العالم. فلو أن الإخوان كان عملها يقف عند مرحلة الفرد المسلم والأسرة المسلمة، فهي هنا جمعية عائلية مغلقة على أفرادها، وهذا غير صحيح.

إذا كان من أهداف الجماعة المعلنة: المجتمع المسلم، والدولة المسلمة، فهذا معناه: أنك تنظيم مفتوح، لا سرية فيه، بل تحكمه الشفافية والمؤسسية الكاملة، أما أن يدفع شخص اشتراكه المالي دون الإعلان عن كشف حساب في نهاية كل عام، يُعلن فيه كل فرد أين ذهب اشتراكه؟ وفيم أنفق؟ فمهما كان الفرد على درجة من الصلاح، فإن عدم المحاسبة تفتح باب التجاوز الإداري المالي، فضلا عن الفساد، وعلى أقل الأحوال: سوء إدارة للمال.

 

إذا كان من أهداف الجماعة المعلنة: المجتمع المسلم، والدولة المسلمة، فهذا معناه: أنك تنظيم مفتوح، لا سرية فيه

وما يقال عن إدارة المال يقال عن إدارة الأفراد، فمن لا يقبل أن يكون العمل المالي في الجماعة وفق نظام مالي يتم فيه المحاسبة والمراجعة والتدقيق، فلا شك أنه سيتعامل مع الكوادر البشرية بنفس المنطق، فسيكونون أشبه بمن يتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى، يجرب فيهم كل أنواع العشوائية والفشل في الفكر والإدارة، حيث لا حساب له، بناء على وهم يرسخه باسم: ركن الثقة، والثقة لا تأتي أبدا إلا بناء على المشاركة في صنع القرار.

وجماعة الإخوان تأسست قانونيا كجمعية مصرية دعوية، وكان اسمها: جمعية الإخوان المسلمين، ومقرها الإسماعيلية، ثم اندمجت مع جمعية حضارة الإسلام بالقاهرة والتي أسسها عبد الرحمن البنا شقيق حسن البنا، وبعد الاندماج صارتا: جمعية الإخوان المسلمين، ولذا أصدر النقراشي قراره بحلها في الثامن من كانون أول / ديسمبر سنة 1948م، لأنها كيان قانوني معلن، وفق قانون الجمعيات في مصر وقتها. وبناء على ذلك كان يقدم تقريرا ماليا وقانونيا وعمليا عن عمل الجماعة، شأن كل الجمعيات المدنية المعلنة.

والجماعة تنص في ثوابتها: القرآن دستورنا، والرسول قدوتنا، فالقرآن الكريم ينص على الأمر المعروف والنهي عن المنكر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقف بين الناس، ويقول: هذا ظهري، فمن جلدت له ظهرا فليقتص مني. أي أنه وضع شخصه الشريف للمحاسبة المعلنة، فأي قيادة مهما كان فضلها تترفع عن المحاسبة التي أرسى مبدأها محمد صلى الله عليه وسلم، وطبقها خلفاؤه الراشدون؟!! 

 

ماذا أعددتم للانقلاب؟


العجيب أن بعض قيادات الجماعة حاليا عند سؤالها: ماذا أعددتم للانقلاب؟ يجيبون: لسنا وحدنا مطالبين بإنهاء الانقلاب، بل هو دور الشعب، أي أنه الآن يحتمي بالشعب، الذي يرفض أن يحاسبه، أو يطالبه بالمراجعة لتوليه إدارة شأن الشعب العام، فالشعب يطلب فقط للتضحية المالية والبدنية، وينتهي دوره عند ذلك، سواء كان من عامة الشعب، أو من عامة الجماعة.

وهذا السلوك الذي يصدر تصريحا بأن المراجعات تخص الجماعة فقط، وكذلك المحاسبة، هو سلوك لا يتفق مع مبادئ الإخوان كما بينا، لأن هذا السلوك لا يقوم به في العصر الحديث إلا مؤسستان، وهو سلوك مرفوض من الجميع، بمن فيهم قيادات الجماعة. الأولى: مؤسسة الجيش (العسكر)، فالقائمون عليها لا يقبلون المحاسبة، فضلا عن المراجعة أو الاعتراف بالخطأ، والمحاسبة عليه، أو الاعتذار عنه. وعندما تحدث البعض بعد الثورة عن محاسبتهم عن مال الجيش، صرح أحد قادته: إن هذا هو عرقنا (الجيش) ولن نسمح لأحد بالتدخل فيه!!

والمؤسسة الثانية: الكنيسة، فهي كذلك لا تقبل المحاسبة أو الشفافية، وهذا ما أعلنه البابا شنودة في حوار مع لميس الحديدي بعد ثورة يناير، عندما سألته عن موارد الكنيسة، وهل يقبل بإعلانها بشفافية، فقال: وانتم مالكم؟!! أي: أنه مال الكنيسة، ولذلك فهناك شعب الكنيسة، ودولة الكنيسة.. 

وهي في الحقيقة مؤسسات عامة سواء الجيش، أو الكنيسة، أو الإخوان، وتحويلها لمؤسسات خاصة منغلقة، يتعارض مع أساس وجودها، وأساس رسالتها، وأساس ملكيته العامة للأمة لا لأشخاص يقومون على أمرها!!

Essamt74@hotmail.com

 

إقرأ أيضا: تسعينية الإخوان.. مراجعات ومواءمات

التعليقات (5)
متفائل
الأحد، 16-12-2018 02:13 م
كلام السيد عصام فيه كثير من الرفق ، و فيه إشارات جديرة بالاهتمام ، جماعة الإخوان أو حركة الإخوان أو التنظيم الدولي أو التنظيم العالمي للإخوان ، هي جماعة بعد عهد طويل صارت غير متجانسة و متناغمة و غير قابلة للاستمرار على نفس المنوال، وإلا تحولت إلى كيان يمكن أن يعطل حركة الشعوب والمجتمعات إلى القيام بالدور أو الرسالة التي باتت واضحة جدا ، ألا و هي رسالة الاستخلاف ، فإذا صارت جماعة الإخوان المسلمين اليوم غير معنية بهذا الدور لسبب أو لآخر ، فإنها بذلك تحولت إلى كيان عاجز عن الحركة ، وهذا ما لانتمناه ، وأولى الأولويات هو مراجعة الذات ، حالتها المرضية ، وما يجب تقديمه من علاج .
محمد طريفي
الجمعة، 14-12-2018 01:08 م
لا يكون المسيح اي عبادة المسيح في جزيرة العرب او البلدان العربية
إقرأ التاريخ السياسي
الجمعة، 14-12-2018 12:30 ص
عصام تليمة،مقالك ليس له قاعدة إنتقاد،الرسول محمد عليه الصلاة والسلام هو رسول الله،والقرأن الكريم ليس هو النبي عليه الصلاة والسلام،هذه حدود تعبيري،مقالك لا علاقة له بالدستور والشأن السياسي،ومن جهة أخرى تنتقد الأخوان وبعد أسطر تقول فكر الإخوان الحقيقي،هذا يعني مقالك مقال نوايا لا قواعد ومبادئ.
مصري جدا
الخميس، 13-12-2018 06:03 م
ما يعانيه الإخوان تعانيه غالبية مؤسسات الدولة التي يطلق عليها سيادية ،،، القضاء الجيش الشرطة ،،، عندما طالب الثوار بتطهير الجيش والشرطة والقضاء ،، ظهر ما يسمى بالتطهير الذاتي او الداخلي اي أن كل مؤسسة تطهر ذاتها وهذا بالطبع لم ولن يكون ،،، وهو نفس موقف الإخوان والكنيسة ،، ومن الواضح انها ثقافة عامة او موروث جيني في الكيانات التي تشعر بقوتها او سيادتها في هذه المنطقة من العالم ،،، بعيدا عن الجدل حول تغيير القناعات في هذه المسآلة ،، التجربة المعاشة والتاريخ الماضي والمستقبل المنشود يتطلب جيل جديد من القيادات لأن الجيل الحالي تجاوزته طبيعة المرحلة وأصبح هو ذاته عائقا في طريق الإصلاح والتغيير ،،، نحن بحاجة لمنصات قيادة جديدة لكل مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية ،،، منصات تؤمن بحق بالنقد والمراجعة والمحاسبة والشراكة والتعايش والقبول المتبادل ،، نحتاج لمنصات أكثر شبابية وأقل شيخوخة على مستوى العمر والفكر معا ،،، منصات لمؤسسات الدولة والإخوان والكنيسة ،،، بعضهم يدعي الحكم والسلطة وبعضهم يدعي المعارضة والبعض الآخر يدعي التربية والبناء ،، والواقع يقول أنهم جميعا عائق في الطريق ،،،
خالد
الخميس، 13-12-2018 02:35 م
امتي هتنزل مصر ؟

خبر عاجل