قضايا وآراء

"ثقافة الكواتم" والعصابات "المعلومة"!

جاسم الشمري
1300x600
1300x600
مع كلّ عمليّة اغتيال أو اختطاف أو سَطْو تقع في العراق، تكون الرواية الرسميّة مشفوعة بعبارة "عصابات مجهولة"، أو "مسلّحون مجهولون يختطفون، أو يغتالون، أو يسطون"، وهكذا "المجهول" هو المتّهم في كلّ الأوقات والجرائم!

الغرابة ليست في نسبة الجريمة إلى مجهول، فهذا الاتّهام موجود في علم الجريمة حينما يكون الفاعل مجهولاً، لكنّ المُدهش أنّ غالبيّة العراقيّين، والأجهزة الأمنيّة يعلمون منْ هي الأطراف العابثة بأمن الوطن والمواطن، وغالبيّتهم يصمتون خوفاً من أن يأتي الدور عليهم لأنّنا نتحدّث عن عصابات لا ضابط لها، وهم قادرون على تنفيذ تهديداتهم، في المكان والزمان الذي يحدّدونه!

الاغتيالات في العراق تتمّ بالأسلحة الكاتمة التي تقتل الأبرياء في أيّ مكان وبلا ضجّة، وكأنّهم يصوّرون مشهداً تمثيليّاً!

"ثقافة الكواتم" في العراق ليست جديدة، وقد عانت منها البلاد في السنوات الماضية، وبالذات في العام 2010، إذ بلغ عدد الذين اغتيلوا 686 شخصاً معظمهم بمسدّسات كاتمة!

اليوم، ومع استمرار مظاهرات تشرين، عادت مجدّداً ظاهرة الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة، وهذه المرّة استهدفت الناشطين في مظاهرات بغداد ومدن الجنوب!

والجمعة الماضية، اغتال مسلّحون "معلومون" الناشط "فاهم الطائي" في كربلاء أمام أحد الفنادق، وفي منطقة محصّنة. وسبق للطائي أن اتّهم جهات دينيّة بالتورّط في محاولة تصفية ناشطين عراقيّين!

وفي ذات الوقت الذي اغتيل فيه الطائي كانت هنالك محاولة لاغتيال "إيهاب الوزني"، رئيس تنسيقيّة كربلاء للحراك المدنيّ المستقلّ؛ لكنّ العمليّة فشلت، ونجا الوزني من الموت بأعجوبة!

وفي تطوّر موازٍ، اختطف المصوّر زيد الخفاجي من منزله بعد عودته من ساحة التحرير فجر الجمعة الماضية، وقد اقتحم مسلّحان "معلومان" منزل الخفاجي (22 عاماً)، واقتاداه إلى جهة "مجهولة"، ثمّ أُفرج عنه في ساعة متأخّرة ليلة أمس الخميس! 

ويوم الاثنين الماضي عُثر على جثّة الناشطة زهراء علي (19 عاماً) وقد قتلت بطريقة بشعة بعد خطفها وترك جثّتها خارج منزل عائلتها!

وأثبت التقرير الطبّيّ أنّها تعرّضت لصعقات كهربائيّة. وبحسب رواية والدها فـ"إنّهم كانوا يوزّعون الطعام والشراب على المتظاهرين في التحرير فقط"!

ويوم الأربعاء الماضي اغتال مسلّحون "معلومون" الناشط "علي اللامي" في منطقة الشعب شماليّ بغداد، وفي ذات اليوم اختطفت مليشيات "معلومة" ثلاثة ناشطين في ساحة التحرير، وهم: أحمد الدليمي، وعمر العامري، وسلمان المنصوري!

اغتيالات الناشطين لم تكن فرديّة فحسب، بل تطوّرت لتصل إلى مرحلة الاغتيالات الجماعيّة. وفي ساعة متأخّرة من يوم الجمعة الماضية نفذّ مسلّحون ملثّمون "معلومون" يستقلّون سيّارات مدنيّة رباعيّة الدفع هجوماً بالرشّاشات والأسلحة المتوسّطة بشكل منظّم، وبنيران عشوائيّة، ومن مسافات قريبة ضدّ المحتجّين في ساحة السنك ببغداد!

وقالت مصادر طبّيّة إنّ "ما لا يقل عن 20 متظاهراً قتلوا في المشاجرة، وتمّ اختطاف حوالي 80 آخرين"!

أحد الناجين من مجزرة السنك أكّد لمحطّة فضائيّة عراقيّة بأنّ المهاجمين ذبحوا العديد من الشباب، وهم بأعمار لا تتجاوز التسعة عشر عاماً، بتهمة أنّهم من "حزب البعث"!

وتساءل الشابّ: كيف يمكن لهؤلاء الشبّان أن يعرفوا البعث، ويكونوا ضمن قافلة البعثيّين؟

وفي معرض شهادته أكّد أنّ تلك القوّات أمسكت رجلاً عجوزاً، وألقته من أعلى بناية مرآب السنك، وقتل في الحال!

وهكذا تتعاقب العصابات "المجهولة/ المعلومة" بارتكاب جرائمها علانية وفي وضح النهار ضدّ الناشطين المدنيّين، لثنيهم عن الاستمرار في مظاهراتهم الرافضة للخراب والدمار المتسلسل في العراق.

منْ يريد أن ينقذ الوطن عليه أن يملك الجرأة الكافية لإزاحة كلّ القوى الخارجة على القانون، لأنّ فوضى السلاح ستقود بلا شكّ للهرج والمرج، وهذا ما نلمسه اليوم، وآخرها حادثة قتل وسحل وتعليق أحد "المواطنين" في عامود المرور في ساحة الوثبة ببغداد فجر أمس الخميس!

الإرهاب المتواصل و"المعلوم" ترعاه قوى كبيرة في العراق توزّع الاتّهامات بالإرهاب بمزاجيّة، وفي ذات الوقت ترعى أطرافاً إرهابيّة!

الدول تُبنى بالسلام والمحبّة والإخلاص والعمل، وليس بالحرب والكراهية والخيانة والكسل!

متى نستوعب هذه الحقيقة؟
التعليقات (1)
عراقية الانتماء
الجمعة، 13-12-2019 07:25 م
1_النساء أكبر جريمة بحقهن أن يسمحوا لهن بالخروج والذهاب إلى ساحة مرعبة فيها الكثير من الرجال الذين لا يأمن جانبهم. كما يدل هذا أيضا على أن الذي سمح لهن بالتواجد في الساحة لا يملك مثقال ذرة من غيرة أو شرف سواء أ كان أبا أو أخا أو زوجا فكيف يسمح لحريمه بالتواجد في غابة ممتلئة بالذئاب. 2_النشطاء الشيعة الذين يتم اغتيالهم كان أغلبهم مؤيدين للجرائم التي يقوم بها الحشد الشيعي ضد المسلمين السنة في محافظاتهم بل بلغ الأمر ببعضهم أن يكتب في حسابه على تويتر أنه كلما قامت عصاباتهم المجرمة بتفجير أحد المساجد في مدينة الفلوجة أنه من شدة ابتهاجه بذلك يقوم ويذبح خروفا،وهذا الناشط صاحب هذا الكلام قد تم اغتياله أمام بيته من قبل الحكومة في محافظة واسط حسب علمي وعلى ذلك فهم يستحقون القتل،الله يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. 3_الدول تبنى بالسلام والمحبة؟! وهل نتوقع من حكومة قامت على الكراهية والحقد وعمل المستحيل من أجل إزاحة الآخر من أن يحكم أو يشارك مشاركة فعالة بالحكم،أن تكون دولة تبنى بالسلام والمحبة؟! 4_ومن يرعى الإرهاب غير الذي جلبه وفرضه وجعله واقع حال على شعب مسحوق ومغلوب على أمره،ومن ينكر أن الذي جلبه هي أمريكا زعيمة الاستكبار والشر العالمي.

خبر عاجل