جمال عيد لـ"عربي21": الإخوان حجر عثرة أمام الديمقراطية بمصر

قال الحقوقي المصري البارز، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، إن "الحكم العسكري في مصر لن يستمر كثيرا، مثلما حدث في باقي دول العالم التي تم حكمها عسكريا؛ فهذه طبيعة الأمور، لأن الجيوش تحمي ولا تحكم".

وأشار "عيد"، في الحلقة الثالثة والأخيرة من مقابلته الخاصة مع "عربي21"، إلى أن "الأوضاع المصرية لا تتحمل بقاء واستمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحكم حتى العام 2030 أو حتى 2024"، مؤكدا أن "السيسي حتما سيرحل، إلا أن فترة بقائه في الحكم تتوقف على حركة المطالبة بالديمقراطية".

وعبّر الحقوقي المصري البارز، عن خشيته على مستقبل الأوضاع ببلاده، قائلا: "أخشى على مصر الناس والمجتمع كثيرا؛ فالظلم متفش، والقمع منتشر، والعدالة غائبة، والشباب غاضب، وحين يغضب الشباب، ويُسلب حقهم في الحلم بغد أفضل، ينبغي أن نخاف من غضبهم ومن نتائجه".

واستدرك "عيد"، بقوله: "لكني موقن بضرورة هذا التغيير واستعادة الديمقراطية، وكل ما أرغبه وأتمناه ألا ندفع ثمنا غاليا وفادحا في سبيل العودة للحياة الديمقراطية"، لافتا إلى أن "الإخوان المسلمين وأداءهم يمثلون عثرة كبيرة ضد الديمقراطية وحركة المطالبة بها".

وتاليا نص الحلقة الثالثة والأخيرة من المقابلة الخاصة:

كيف تقيم الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشيوخ؟ وكيف تقرأ نتائجها؟

مثل غيري من المواطنين لم أشعر بأن هناك انتخابات من الأساس، وهي أمر لا يعنيني ولا يمثلني.

هل باتت السلطات المصرية أكثر سلطوية خلال مكافحة جائحة كورونا؟

نعم. من أجل تعزيز قبضتها الأمنية والقمعية.

برأيك: هل نظام السيسي سيتجاوز أزمة فيروس كورونا بسهولة كما تجاوز غيرها؟

لا أعتقد أنه تجاوز غيرها ليتجاوزها، فما يحدث غالبا هو ترحيل الكوارث والأزمات لحدوث كارثة أو أزمة جديدة، وغياب كارثة عن المشهد لا يساوي ولا يعني حلها. أعتقد أن مصر لديها نظام يتحول من كارثة لأزمة لفضيحة لأزمة جديدة لفضيحة، وهكذا.

رغم الدعوات الكثيرة للإفراج عن المعتقلين داخل السجون، لكن السيسي لم يستجب لكل هذه الدعوات والمناشدات.. فلماذا لم يفرج السيسي عن المعتقلين؟

من مطالعة خبرات الديكتاتوريات السابقة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء؛ فوجود سجناء رأي وسياسيين بالآلاف يجعل حركة المطالبة بالديمقراطية مشغولة بالدفاع عنهم، ويخلق الخوف الذي تقتات عليه هذه الأنظمة.

ما يحدث لدينا هو قص ولصق لما حدث لدى أنظمة بوليسية أخرى، بفارق مهم، أن كثيرا من هذه الأنظمة كان لديها وفرة مالية أو عمدت للتصنيع وعمل نهضة ما، وهذا ليس متوفرا في مصر؛ فقد كانوا يأكلون ويتم غلق أفواههم، لكن في مصر يجوعون وتُغلق أفواههم.

ما دلالة استمرار النظام المصري في شن حملات اعتقال في ظل الأوضاع الراهنة؟

لنشر المزيد من الخوف، وللفشل في إيجاد حلول حقيقية للفقر والجوع وأي انفراج ديمقراطي.

كيف تنظر للتفويض الذي منحه البرلمان للسيسي بإرسال قوات إلى ليبيا؟

هو برلمانه وليس برلماننا، أنا لم أنتخب هذا البرلمان ولا يُعبّر عني، ولم أفوض سابقا ولا حاليا.

الأمم المتحدة أعربت عن قلقها من تفويض البرلمان للسيسي واصفة تلك الخطوة بأنها صب للزيت على النار، وأن هذه التطورات مصدر قلق كبير لها.. فهل تتصور أن المؤسسة العسكرية قد تسمح بخوض تلك الحرب؟

أنا ضد الحروب، وأرى أنه ما من منتصر في أي حرب.

رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، علاء عابد، قال إن السيسي هو أول رئيس عربي يصدر له تفويض من شعبين (المصري والليبي).. ما تعقيبكم؟

علاء عابد آخر مَن يؤخذ عنه أو منه أو عليه، هو متواطئ على الحريات وحقوق الإنسان. ومن ثم لا مصداقية له في رأيي.

كيف تقيم الموقف الأمريكي والأوروبي من تدهور حقوق الإنسان بمصر؟

الولايات المتحدة وأوروبا ليسوا كتلة واحدة، بل إن الإدارة الأمريكية لا تُختزل في ترامب، بل هي دولة مؤسسات، تحكمها المصالح، فرغم تواطؤ ترامب على حقوق الشعب المصري، بل والأمريكي، إلا أنه أيضا كان أول نظام أمريكي يقطع من المساعدات العسكرية لمصر منذ السبعينيات، وكذلك أوروبا هي مختلفة حتى داخل كل دولة، وعلى سبيل المثال في 2015 حين زار السيسي ألمانيا، التقى ميركل ورفض رئيس البرلمان لقاءه، وعلى كل حال الديمقراطية وحقوق الإنسان يتحققان بإرادة الشعوب وليس عبر الخارج، هذا موقفي.

مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الأمريكية، جو بايدن، وجّه مؤخرا رسالة تهديد للسيسي، أعلن فيها رفضه لاعتقال وتعذيب الناشطين أو التعرض لعائلاتهم، قائلا: "لن نقدم مزيدا من الصكوك البيضاء لديكتاتور ترامب المفضل".. فهل تتوقع تغير السياسات الأمريكية تجاه أوضاع حقوق الإنسان بمصر حال فوز جو بايدن؟

لا أعوّل كثيرا على التصريحات التي تأتي من الخارج، أعوّل على المواقف الواضحة، وأعوّل على الشعوب والمجتمع المدني والإعلام المستقل، وليس الحكومات.

وكيف تأثرت الحركة الحقوقية في مصر والعالم العربي بوجود الرئيس ترامب في سدة الحكم بأمريكا؟

لسنا وحدنا في مصر من عاني ويعاني من هذا الترامب، كان الله في عون الشعب الأمريكي الذي عانى منه أكثر.

قبل أيام مرت الذكرى السابعة لفض اعتصامي رابعة والنهضة.. فكيف ترى تلك المجزرة؟ وإلى متى سيفلت مرتبكو تلك المجزرة من العقاب؟

ما زال رأيي أن ما حدث في رابعة يمثل جريمة ضد الإنسانية، ستظل قائمة حتى ينال كل مَن أجرم جزاءه ويتم إنصاف الضحايا. وقد تتأخر العدالة بعض الوقت، لكنها أبدا لا تغيب إلى الأبد.

وزارة الخارجية الأمريكية قالت إن رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي -الذي يعمل حاليا في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي- ينبغي منحه حصانة ضد دعوى قضائية فدرالية رفعها محمد سلطان الناشط الحقوقي الأمريكي من أصل مصري.. فهل مثل هذه الحصانة ستحول تماما دون المحاكمة الدولية لأي مسؤول مصري متورط في الجرائم؟

لا أعتقد، وأتمنى أن ينصف القضاء الأمريكي محمد سلطان، حتى يكون الببلاوي عبرة لكل مَن أجرم في حق أي مواطن.

في تقديرك، هل تتحمل الأوضاع المصرية بقاء واستمرار الرئيس السيسي في الحكم حتى العام 2030 أو حتى 2024؟

أعتقد أن هذا صعب جدا، وهذا يتوقف على حركة المطالبة بالديمقراطية.

الكاتب الصحافي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم"، قال إنه في حالة قرر الرئيس السيسي عدم الترشح في انتخابات الرئاسة للعام 2024، فسوف يكون "هناك مأزق"، وسوف يضطر المصريون للجوء إلى المؤسسة العسكرية، لاختيار شخصية مناسبة تحظى بثقة "المؤسسات التي تعبّر عن الشعب".. فهل ترى أن بديل السيسي سواء في 2024 أو 2030 سيكون شخصا عسكريا آخر؟

وجود ياسر رزق على رأس صحيفة كبرى مثل "أخبار اليوم"، أحد أوجه ومظاهر الأزمة، وهو لا يتمتع بالقدرات اللازمة لتولي المنصب، وما يصدر عنه من تصريحات لا يُعتد بها.

هل نجح نظام السيسي في تحطيم كل البدائل المدنية التي كانت تهدف للانتقال السلمي والسلس للسلطة؟

عرقل أو عطل، لكنه لم يحطمها، ومصر كأي بلد قد تعاني من القمع، لكن الشعوب تبقى حيّة، وعقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء.

الناشط السياسي علاء عبد الفتاح قال - خلال تحقيقات سابقة معه- إن "ثورة يناير هُزمت، وعلينا أن نضحي بأحلامنا حتى يتمكن أبناؤنا من الحلم، وسأدعو أولياء الدم من كل الأطراف أن يؤجلوا القصاص مقابل ضمانة ألا تتكرر المذابح والتفجيرات".. كيف تنظرون لتلك التصريحات؟

أتفهم تصريحات علاء وأتفهم ظروفه، لكني أختلف معه، أنا من المؤمنين أن ثورة يناير حيّة وباقية، والقمع الشديد والانتقام من مؤيديها دليل على ما أقول. الخصم نفسه، وهو النظام القائم، مرعوب منها، فكيف يرتعب من ثورة انتهت؟

علاء عبد الفتاح أكد أيضا أنه لا يطالب برحيل فوري للسيسي، لأن "خلق صراعات في هذه اللحظة الهشة أمر شديد الخطورة"، داعيا لاستغلال الفترة المتبقية من الفترة الثانية للسيسي وفقا لدستور 2014 في إطلاق حرية المجتمع المدني والتنظيم النقابي ثم إجراء انتخابات المحليات.. فما هو موقفكم من مطلب الرحيل الفوري للسيسي؟

أنا لا أطلب من الخصم الذي يغيب الديمقراطية وينكل بنا، أنا أقاومه بكل شكل قانوني وديمقراطي.

كيف تقيم أداء جماعة الإخوان؟ وهل هي جزء من الحل أم الأزمة؟

الإخوان المسلمون وأداؤهم يمثلون عثرة كبيرة ضد الديمقراطية وحركة المطالبة بها؛ فالكراهية التي تظهر لدى العديد من أعضائها، والرغبة الحادة في الانتقام، تجعل الكثير من معارضيهم يتقبلون القمع العسكري، خوفا من أن يأتي القمع الديني المتمثل في هذه الجماعة، لاسيما أن الإخوان الذين كانوا في الحكم وتواطؤوا على الثورة مع المجلس العسكري، لا يقرون بجريمتهم، وآخر ما يطرحونه أنهم أخطأوا في حين أن خطأ مَن يحكم ليس كخطأ المحكوم. والإخوان ضمن أسباب استمرار القمع بنشر شماتتهم في الضحايا من حركة المطالبة بالديمقراطية من التيار المدني، حتى وهم ضمن المقموعين.

كيف تنظر لمستقبل الحكم العسكري في مصر؟

مثل باقي دول العالم التي تم حكمها عسكريا، لن يستمر، فهذه طبيعة الأمور، الجيوش تحمي ولا تحكم، كل ما أتمناه ألا ندفع ثمنا غاليا في سبيل العودة للحياة الديمقراطية.

وكيف تقرأ التغيير المأمول في مصر؟

أخشى على بلدنا، مصر الناس والمجتمع كثيرا؛ فالظلم متفش، والقمع منتشر، والعدالة غائبة، والشباب غاضب، وحين يغضب الشباب، ويُسلب حقهم في الحلم بغد أفضل، ينبغي أن نخاف من غضبهم ومن نتائجه. لكني موقن بضرورة هذا التغيير واستعادة الديمقراطية، وكل ما أرغبه ألا يكون الثمن فادحا.

الحلقة الأولى للمقابلة: "عربي21" تحاور الحقوقي المصري البارز جمال عيد (1)

الحلقة الثانية للمقابلة: جمال عيد: عرضوا عليّ منصبا عقب الانقلاب على "مرسي"