هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فاجأ الشعب المصري الناس بخروجه، الذي بدا صغيرا، ومتقطعا، ولكنه يتزايد يوما بعد الآخر، فقد بدأ الناس بالنزول بعد دعوة الفنان والمقاول محمد علي للناس بالنزول يوم 20 أيلول (سبتمبر)، وكان الكثيرون قد ظنوا أنه لن يكون هناك أي درجة من التجاوب مع دعوته، ولكن نزل الناس، وبدأت رقعة التظاهر تزداد شيئا فشيئا، وإن كانت قليلة العدد، إلا أنها حوت عدة دلالات.
فقد أعطت الناس دفعة قوية من التفاؤل المعنوي، خاصة بعد مواجهة المتظاهرين لبعض سيارات الشرطة، وتعاملهم معها، وهو ما كان يحتاجه المؤمنون بالثورة، بعد أن دب اليأس في قلوب الكثيرين منهم، وهذا ما جعل بعضهم يرفض دعوات النزول للتظاهر، متحدثين عن أنه لا ينبغي لمن هو خارج مصر أن يدعو من بالداخل للنزول، وهي حجة مقبولة في إطار الخوف على الناس، لكنها ليست مقبولة دائما، فإن من بالداخل لا يقوى على الدعوة، فضلا عن نزوله للمظاهرات!
ومن الدلالات الجديدة في هذا الحراك: أنه كان على خلاف حراك ثورة يناير، الذي بدأ من مراكز المدن الكبرى، ثم انتقل إلى الأطراف؛ المدن والقرى، لكنه هذه المرة على العكس، فقد بدأ من القرى والأطراف، ومن الحواري الضيقة، ونأمل أن ينتقل إلى المدن الكبرى، والشوارع العامة الكبيرة.
ومن دلالاته اللافتة للنظر: مشاركة الأطفال، وأحداث السن، بشكل كبير، فما من فيديو لمسيرة إلا وتجد فيها أطفالا بعدد كبير، تتراوح الأعمار بين الثامنة وما فوق بقليل، وهذا ما أعطى الحراك سرعة في الكر والفر، وكذلك في غل يد الأمن ـ نوعا ما ـ فلا شك أن استخدام العنف مع الأطفال سيكون مثار حديث الإعلام العالمي. وبخاصة في ظل اقتراب انتخابات رئاسية في أمريكا، وهو عامل يراعى في هذه الآونة.
وزادت الدعوات لتظاهر جديد، يكون يوم الجمعة بتاريخ 25 سبتمبر، وما قبله، ونعتقد وما بعده، ولا نستطيع أن نجزم بأن هذا الحراك فيه الخلاص، أم لا؟ لكن علامات الخوف والقلق والتوتر التي تبدو من النظام، تخبر بأهميته، وبجدواه، مما جعلهم يحاولون إلهاء الناس بأخبار تشغلهم عن الحراك.
ويكفي أن نقف على أخبار يوم الأربعاء 23 أيلول (سبتمبر) وحده، فبدأ اليوم بخبر عن زواج الداعية معز مسعود بالفنانة حلا شيحا، وكأن الشعب المصري قد حُلّت كل مشاكله ولم يبق إلا أن يهتم بأخبار معز وحلا! ولم يهتم الناس! فلم يعد معز ولا أمثاله موضع اهتمام من الشعب، بعد مواقفهم المخزية من قضاياهم.
لا نستطيع أن نجزم بأن هذا الحراك فيه الخلاص، أم لا.. لكن علامات الخوف والقلق والتوتر التي تبدو من النظام، تخبر بأهميته، وبجدواه، مما جعلهم يحاولون إلهاء الناس بأخبار تشغلهم عن الحراك.
ثم في منتصف نهار اليوم خرج بيان مفبرك عن جماعة الإخوان المسلمين، زاعمين أنه صادر عن مجلس شورى الإخوان، وأنه بيان رقم واحد لسنة 2020، وأنه قرر بكامل أعضائه، رفض قرارات نائب المرشد الأستاذ إبراهيم منير الأخيرة، والهدف من البيان المفبرك: أن يحدث حالة من النقاش، ويتصل الصحفيون أو إعلام الانقلاب بمن يقدمون للشعب زورا بأنهم خبراء في الجماعات الإسلامية. وقد فوت الإخوان قيادة وأفرادا الفرصة على الإلهاء من النظام العسكري، فقد صدر البيان المفبرك ولم يشعر به أحد، بل أهمله الجميع.
ثم في آخر نهار اليوم، وجدنا خبرا ثالثا، وهو مقتل ضابطين وشرطي، وأربعة محكوما عليهم بالإعدام في سجن طرة، وهو خبر في غاية الغرابة، إذ كيف تمكن أربعة محكوم عليهم بالإعدام، وهم من تنظيم أنصار الشريعة، يعني: إسلاميين، ممن يتهمون بالعنف، فكيف تمكنوا من سلاح يقتلون به ضابطين وشرطي وهم في السجن؟!
والعجيب في الخبر أنهم يقولون: إنهم كانوا في فترة التريض الصباحية، وذلك في وقت يمنع فيه معتقلون سلميون كبار في السن من التريض، وقد سجنوا سجنا فرديا، وهؤلاء شباب ومتهمون في قضايا عنف، وخرجوا للتريض الجماعي؟!! خبر مثير للتفكير، من حيث طريقته، ومن حيث توقيته.
الدلالات والإلهاءات التي يمكن رصدها في هذا الحراك البسيط في شكله، المهم في أثره، يوحي بأن وراءه شيء جديد غير ما كان من أحداث سبتمبر 2019، لا نستطيع الجزم بما سينتج عنه، لكن من الواضح أن سبتمبر الماضي، غير الحالي، سواء في أسباب حراكه، أو نوعية المشاركين فيه، أو تداعياته، وآثاره، وبخاصة أن هناك دعوة لجمعة غضب يوم 25 سبتمبر، فهل تكون جمعة بداية لحراك أقوى؟ نتمنى، وما ذلك على الله بعزيز.
Essamt74@hotmail.com