الحراك التركي الأخير بإدلب.. انسحاب أم إعادة تموضع؟

تواردت الأنباء مؤخرا، بأن القوات التركية قامت بالانسحاب من إحدى نقاط المراقبة التابعة لها، ما يثير التساؤلات حول مصير النقاط الأخرى والتواجد العسكري التركي في إدلب السورية.

وقالت صحيفة "حرييت" في تقرير ترجمته "عربي21"، إن لدى القوات التركية 12 نقطة مراقبة في إدلب، وجرى مؤخرا بعض التحركات في بعضها.

ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية، أن القوات التركية قامت بنقل عدد من نقاط المراقبة في منظمة خفض التصعيد.

وأشارت إلى أن إعادة التموضع كان وفق مواد وخارطة الطريق التي تشكلت عن مذكرة التفاهم بين روسيا وتركيا في 5 أذار/ مارس الماضي في موسكو.

وأضافت أن تركيا كانت ترفض أي حراك لإعادة تموضع لنقاطها في إدلب، دون استيفاء الشروط التي طلبتها من روسيا.

وأوضحت أن إعادة تموضع نقاط المراقبة، جاء بعد استيفاء كافة شروط تركيا وحقوقها ومصالحها.

ولفتت إلى أن المفاوضات مع روسيا ما زالت متواصلة في إطارها المعقول، بالتزامن مع إعادة التموضع لنقاط تركية بمناطق في شمال إدلب.

وتابعت، أن أنقرة من ناحية أخرى، لديها استعداداتها لتطورات غير متوقعة وغير مرغوب بها في الشمال السوري.

نقاط مراقبة في مناطق سيطرة النظام السوري

وفي تقرير آخر بالصحيفة للكاتب التركي سيدات أرغين، وترجمته "عربي21"، أشار إلى أن نقطة المراقبة "9" التي أنشأتها القوات التركية في مورك على الطريق الدولي "أم5" جنوب إدلب، أصبحت محاطة بقوات النظام السوري من الشمال والجنوب والشرق والغرب بعد عملياتها التي سبقت اتفاق 5 أذار/ مارس الماضي.

اقرأ أيضا: صحيفة روسية: تركيا تستعد لعملية ضد نظام الأسد قرب إدلب
 

ولفت إلى أنه وفي 19 أب/ أغسطس 2019، أرسلت تركيا قافلة عسكرية إلى مورك عبر الطريق الدولي "أم5"، لضمان بقاء طرق الإمداد مفتوحة ولتعزيز نقطة المراقبة هناك، ولكنها تعرضت للقصف في ذلك الوقت ما أعاق حركتها، ليتبين بعد ذلك أن المقاتلات الروسية هي التي تقف خلف الهجوم، وفي اليوم التالي سقطت مدينة خان شيخون تحت سيطرة النظام السوري.

وتعد نقطة مراقبة مورك إحدى الـ12 نقطة مراقبة التي أنشأتها تركيا في منطقة خفض التصعيد في عام 2017 كجزء من عملية أستانا التي نفذت مع روسيا وإيران، وعندما تم إنشاؤها كانت إدلب تحت سيطرة المعارضة المسلحة بشكل كامل، وشكّل تواجدها الميداني ردعا للنظام عن القيام بأي تحركات عسكرية في حينها، بحسب الكاتب التركي.

وأشار إلى أنه تم بناء اتفاقية سوتشي الموقعة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونطيره فلاديمير بوتين في 17 أيلول/ سبتمبر 2018 عبر اتفاقية أستانا، وعلى الرغم من أن تنفيذ الاتفاق سار على ما يرام في الفترة الأولى، لكنه لم ينجح كما كان متوقعا بعد ذلك.

وأوضح أن قوات النظام بالتعاون الكامل مع روسيا، شنت عملية عسكرية كان مخططا لها لاستعادة الطريق الدولي "أم5" في صيف عام 2019، 

وأضاف أنه ومع تواصل عمليات النظام السوري في إدلب، قبل التوصل لاتفاق 5 أذار/ مارس في موسكو، تمكن من محاصرة نقاط مراقبة أخرى، وأصبحت 7 نقاط من الـ12 في مناطق سيطرته.

وأشار إلى أنه وكجزء من هذه الاستراتيجية، تحركت قوات الأسد شمالا لاستعادة الطريق الدولي "أم5" الذي يربط حلب ودمشق في اتجاه الشمال والجنوب، بعد خان شيخون، ودعمت التحركات البرية بقصف كثيف من المقاتلات الحربية السورية والروسية، لتدخل مدينة سراقب التي تقع على الطريق السريع "أم4" الذي يمتد غربا إلى اللاذقية والبحر الأبيض المتوسط.

ولفت إلى أن الفترة من خريف 2019 إلى نهاية شباط/ فبراير 2020 كانت مسرحا لاشتباكات عنيفة بين قوات الأسد والمعارضة السورية على "أم5"، مما أدى إلى موجة هائلة من الهجرة شمالا نحو الحدود التركية، ولكن تركيا لم تتراجع وأبقت على حماية قواعدها ونقاطها هناك.

هل أنهى تفاهم 5 أذار/ مارس الوضع القائم على أستانا وسوتشي؟

وذكر أن الأزمة الكبرى بين تركيا وروسيا أدت إلى اتفاق جديد حول إدلب مع الرئيس الروسي بوتين خلال زيارة الرئيس أردوغان لموسكو في 5 أذار/ مارس 2020.

وأوضح أن هذا الاتفاق، أنهى الوضع القائم على اتفاق سوتشي في 17 أيلول/ سبتمبر 2018 بشكل كبير، ولقد انتقل طريق "أم5" والمنطقة الواقعة شرقه والتي تعادل حوالي نصف مساحة إدلب، من المعارضة للنظام في الوضع الجديد الذي فرضه تفاهم موسكو، كما أن منطقة واسعة ممتدة من الجنوب إلى الشمال باتجاه "أم4" أصبحت تابعة له.

وأضاف أنه وفقا لبنود الاتفاق، تم توقيف حركة النظام السوري في الطريق الدولي "أم4"، فيما أنشأت القوات التركية عددا كبيرا من المواقع العسكرية في المنطقة الواقعة شماله.

اقرأ أيضا: سحب محتمل لعدد من نقاط المراقبة التركية بمحيط إدلب
 

وأشار إلى أن أحد أهم الأسئلة التي طرحها الوضع الجديد، الذي جاء مع اتفاق موسكو، هو مصير نقاط المراقبة السبع (4-5-6-7-8-9-10) في إدلب، والتي كانت بحكم الواقع داخل منطقة النظام، بالإضافة إلى النقطة (3) التي تقع قرب الخط الفاصل.

مخاطر أمنية

ولفت الكاتب التركي، إلى أنه كون نقاط المراقبة هذه لا تزال موجودة في منطقة النظام، فإنها تخلق مخاطر أمنية كبيرة، فضلا عن صعوبات عملية في تلبية احتياجاتها، ويتطلب تشكيل خطوط الإمداد لها تعاونا وثيقا وتنسيقا مع روسيا.

وذكر أنه لا يمكن الحفاظ على هذه النقاط الواقعة تحت مناطق سيطرة النظام السوري لفترة طويلة، ولا يمكن التعامل معها على أنها دائمة، كما أنه لم يكن سرا أن الكرملين طلب من أنقرة إخلاءها منذ البداية.

انسحابات أخرى وتعزيزات تركية

ورأى الكاتب التركي أن الانسحاب من نقطة المراقبة في مورك، ستتبعه انسحابات من كافة نقاط المراقبة في المناطق الخاضعة تحت سيطرة النظام السوري وفق جدول زمني معين.

وأوضح أن إعادة التموضع في المنطقة الواقعة شمال الطريق الدولي "أم4" بإدلب، يفهم منه تعزيز الوجود العسكري التركي فيها، وسيتم تعزيزه بشكل أكبر في الفترة المقبلة.