قضايا وآراء

القدس والصراع الجيوسياسي شرق المتوسط

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

اشتباك المقاومة الفلسطينية بقيادة "حماس" مع الكيان الإسرائيلي لم يقتصر تأثيره على القدس بل امتد أثره على المكانة الجيوسياسية التي يطمح الكيان في بلورتها شرق المتوسط والخليج العربي.

فصواريخ المقاومة لم تقوض النفوذ والهيمنة الإسرائيلية على القدس؛ بل قوضت معها النفوذ الإسرائيلي الجيوساسي باستهداف منصات النفط في البحر المتوسط؛ وأنابيب نقل الغاز من عسقلان على البحر المتوسط إلى (إيلات) أم الرشراش على البحر الأحمر؛ فضلا عن قصف مفاعل ديمونا بـ 15 صاروخا.
 
انطلاق صافرات الإنذار في القدس ومحيطها أنهى التهديد الصهيوني للمسجد الأقصى وأدخلها في معادلة الردع الخاصة بالمقاومة في غزة منذ اللحظة الأولى لتصريحات محمد الضيف قائد هيئة الأركان في كتائب عز الدين القسام؛ غير أن سرعة انتقال المواجهات إلى الداخل الفلسطيني في أراضي الـ48 وإلى الكابينت الإسرائيلي المشكل من ائتلاف الليكود بقيادة نتنياهو وحزب كاحول لافان بقيادة بيني غانتس كان المفاجأة الكبرى التي زعزعت الائتلاف الصهيوني الحاكم وهددت بانهيار الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

 

إطلاق الصورايخ لم يبخر الوهم الإسرائيلي في الهيمنة على القدس ولم يظهر ضعف العمق الاستراتيجي للكيان ديموغرافيا وجغرافيا فقط؛ بل أظهر ضعف النظام السياسي الإسرائيلي وعقم المشاريع الجيوسياسية وهشاشاتها أيضا؛

 

 

فالكيان يحترق من الداخل ويعجز عن إخفاء انقساماته وصراعاته الداخلية حتى في ذروة الاشتباك؛ فغانتس قلق وحذر من نوايا نتنياهو الكامنة خلف التصعيد في غزة وأراضي الـ 48؛ ما دفعه لرفض نشر الجيش الإسرائيلي في المدن والبلدات المختلطة في أراضي الـ 48 للسيطرة على المواجهات بين المتطرفين الصهاينة والفلسطينيين في اللد وعكا ويافا وحيفا وبئر السبع وأم الفحم وغيرها من البلدات والمدن الفلسطينية؛ فتوسع نطاق المواجهات وتعدد الجبهات وانتقالها إلى الداخل المحتل في العام 48 أربك القيادات الإسرائيلية وحال دون تحقيق الانسجام بينها في توجيه البوصلة نحو غزة أو القدس أو الداخل الفلسطيني.

انكشاف استراتيجي وجيوسياسي بدا واضحا في سلوك القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية؛ فنتنياهو وأعضاء حكومته تنقلوا بين الجبهات من القيادة الجنوبية على مشارف قطاع غزة إلى عكا واللد مطلقا التهديدات والتحذيرات تارة للمقاومة الفلسطينية في القطاع وتارة أخرى للفلسطينيين في اللد وعكا ويافا وبئر السبع؛ فوقع المفاجاة كبير والاشتباكات تكاد تكون في كل مكان من قطاع غزة إلى عكا ومن أم الرشراش (إيلات) إلى حيفا شمالا .

مواجهة لم تعد تقتصر على الصواريخ والعمليات العسكرية للمقاومة في قطاع غزة بعد أن انخرطت الضفة وأراضي الـ 48 في النشاطات المناهضة للاحتلال لتضيف عبئا جديدا على الأجهزة الأمينة التابعة للكيان الإسرائيلي يفاقمها انعدام الانسجام و النوايا الحسنة بين أعضاء الكابينت الإسرائيلي.
 
إطلاق الصورايخ لم يبخر الوهم الإسرائيلي في الهيمنة على القدس ولم يظهر ضعف العمق الاستراتيجي للكيان ديموغرافيا وجغرافيا فقط؛ بل أظهر ضعف النظام السياسي الإسرائيلي وعقم المشاريع الجيوسياسية وهشاشاتها أيضا؛ فالطموحات الإسرائيلية للهيمنة الجيوسياسية على الإقليم قوضتها الضربات الصاروخية التي طالت المنشات النووية والنفطية.

طموحات أقامها الكيان على أوهام منتدى الغاز في المتوسط؛ واتفاقات إبراهام التطبيعية سواء مع بعض الدول الأوروبية المتوسطية أو الخليجية الهامشية؛ سواء كان ذلك بنقل الغاز والنفط الإماراتي عبر ميناء إيلات على البحر الأحمر إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط؛ أو نقل الغاز وتوريده إلى الأسواق الأوروبية عبر قبرص واليونان بدءا من منصات الغاز التي تعرضت للقصف من قبل حركة "حماس" وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام.

ختاما.. معركة القدس زعزعت المشروع الصهيوني من الداخل وأظهرت ضعف رؤيته الجيوسياسية واستحالة تمريرها في ظل وجود مقاومة فلسطينية قادرة على المبادرة؛ فمعركة القدس التي قادتها حركة "حماس" وجناحها العسكري حققت غاياتها قبل وقف إطلاق النار في كل الجبهات حقيقة لن يطول اعتراف قادة الكيان بها تحت ضغط الانقسام السياسي الإسرائيلي والمواجهات في أراضي الـ 48 والضفة وقطاع غزة؛ نجاح تجاوز القدس نحو أبعاد جيوسياسية إقليمية رسمت حدودها صواريخ المقاومة وكتائب القسام. 

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)