كتب

قصة حركة "فتح" من التأسيس لخلافها مع "حماس" في كتاب

كتاب يعرض للقصة الكاملة لنشأة حركة "فتح" وعلاقاتها في الداخل والخارج- (عربي21)
كتاب يعرض للقصة الكاملة لنشأة حركة "فتح" وعلاقاتها في الداخل والخارج- (عربي21)
الكتاب: "فتح من البندقية إلى السرداب"
إعداد: عبد القادر ياسين
الناشر: الهيئة العامة للكتاب، سلسلة "تاريخ المصريين" (335) ـ القاهرة 2019.



على الرغم من الاختلاف حول تاريخ تأسيس حركة "فتح"، فإنه لا يمكن لأحد، سواء كان باحثًا، أو سياسيًا، أو قارئًا للتاريخ بشكل عام، أن ينكر الدور التاريخي الكبير الذي لعبته "فتح" في الحركة الوطنية الفلسطينية. كما لا يمكن إغفال التغيرات التي طرأت على شعارات وأفكار وممارسات الحركة على مر العقود الماضية. 

عن حركة التحرير الوطنية الفلسطينية "فتح"، جاء الكتاب الذي ضم أربعة أبواب ينقسم كل منها لعدة فصول بالإضافة لمقدمة وخاتمة، عمل على وضعه سبعة باحثين، في 174 صفحة من الحجم الكبير، كان لمحرره عبد القادر ياسين، نصيب الأسد من بين فصوله.

أهدى المحرر الكتاب لأرواح قادة "فتح": كمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وماجد أبو شرار، وخليل الوزير، وصلاح خلف، الذين اغتالهم العدو إلا أنه لم يذكر، ياسر عرفات، ضمن هذه القائمة ربما اعتباره المحرر مسؤولا عن كارثة أوسلو وما آلت إليه فتح.
 
جاء المدخل بعنوان "تأسيس فتح الملابسات والالتباسات" من إعداد المحرر، حاول خلاله تتبع الروايات المختلفة للإجابة على سؤال متى كان التأسيس؟  

"في اعتقادي أن كلًا من التواريخ الخمسة صحيح، بدرجة ما، أو هي تُكمِّل بعضها بعضًا، ففي خريف 1954، طرأت الفكرة على رؤوس الروَّاد؛ وفي صيف 1957، اقتربت ملامح الفكرة من الاكتمال؛ وبعد ما يربو عن العام الواحد، تم وضع حجر أساس المشروع؛ وفي مطلع 1959، توفرت الوثائق الأساسية للحركة الوليدة، كما تحركت الماكينة الإعلامية لها؛ لتعقد بعدها قيادة الحركة أول اجتماع لها، خريف 1963؛ وبعد أن اكتمل المخاض الصعب، اندفعت الطلقة الأولى في المقاومة الفلسطينية الراهن" (ص21). 

تحت عنوان "الميلاد" أتى الباب الأول في فصلين، كتبت أولهما د.إكرام عبد الرحيم عن "ولادة فتح من خاصرة الضعف العربي" كيف أن صراع الأشقاء العرب، وانتزاع الجزائر لاستقلالها، أسهما بشكل مباشر في دفع الشعب الفلسطيني إلى أخذ قضيته الوطنية بين يديه.

جاء الفصل الثاني بعنوان: "مصادر الإلهام الكفاحي" يعرض فيه محرر الكتاب كيف ألهمت كل من: ثورة 36، وعبد القادر الحسيني، والكتيبة 141 فدائيين، وروابط الطلبة الفلسطينيين، والأعمال الفدائية المصرية ضد القوات البريطانية (1951 ـ 1954). جاء في الإلهام السادس "تعمَّق اقتناع بعض إخوان قطاع غزة بجدوى التنظيم الوطني الإئتلافي، من خلال العمل ضمن "جبهة المقاومة الشعبية"، التي تشكلت نتيجة تحالف "البعث" و"الإخوان"، في قطاع غزة، على مدى نحو أربعة أشهر، قضاها القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي ( 2/11/1956 ـ7/3/1957)" (ص42). أما الثورة الجزائرية فكانت الإلهام السابع لحركة "فتح"، وأخيرًا جائت التجربة الكوبية.

"الآداء" هو عنوان الباب الثاني، الذي جاء في ثلاثة فصول، كتبت الأول والثاني رضوى عبد القادر، والتي رصدت آداء "فتح" بدءًا من الكفاح المسلح، إلى خروجها عن نشاطها العسكري المألوف، واتباع أسلوب العمليات الخاصة، ما أضفى طابعًا مساومًا على الكفاح المسلح، على حد وصف الباحثة (ص67)، سلمت رضوى الراية لآيات عبد الحكيم، لتكتب الفصل  الثالث الذي جاء بعنوان "فتح والتسوية" ليعرض الاتجاه التدريجي لفتح نحو التسوية.
 
كنتاج طبيعي للتغيرات التي ألمت بحركة "فتح" كانت الخلافات التي تفجرت داخل الحركة والتي نشأ على إثرها ما عرف بـ "يسار فتح" وقد تتبعه منذ ظهوره وحتي أفوله حمدي محرم، وفي الفصل الثاني من الباب نفسه كتب مجدي السيد "الانسلاخات عن فتح" قام فيه برصد العديد من الانشقاقات التي جرت عن "فتح"؛ ضم هذا كله الباب الثالث تحت عنوان "تمايز فانسلاخات".

ما كان لـ "فتح" أن تكون بمعزل عن الدول العربية، حول علاقة "فتح" مع الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، جاء الباب الرابع وعنوانه "علاقات فتح"، من أربعة فصول كتب المحرر ثلاثة منها. وهم عن علاقات "فتح" مع كلٍ من سوريا، ومصر، والأردن؛ فيما كتب الفصل الرابع حمدي محرم عن علاقة "فتحط بلبنان. ولكن لا أدري لماذا اختار الكاتب "دول الطوق" عن غيرها من الدول؟ ولماذا أغفل العلاقات بين "فتح" وتونس؟

"تُمثل العلاقة بين حركتيْ "فتح" و"حماس"، وهما أكبر فصيليْن للمقاومة الفلسطينية، إحدى المعضلات السياسية الكبيرة في تاريخ القضية الفلسطينية، والتي يمكن القول بقدر كبير من الموضوعية ودون أي ادعاء أو مبالغة، بأنها تمثل تهديدًا حيويًا، ومباشرًا على قضية الشعب الفلسطيني، ومستقبله لا يقل عن خطر العدو الصهيوني؛ فقد أفرزت تلك العلاقة، في وضعيتها الراهنة، انقسامًا حادًا، على كافة المستويات، السياسية، والاجتماعية، والجغرافية، والديمغرافية، والمؤسسية، في مقابل إعطاء حالة نموذجية، ومناخ ملائم للعدو الصهيوني، لكي يواجه أعداءً متفرقين، وأصحاب قضية منقسمين؛ يضاف إلى ذلك، أن الغالبية العظمى من محاولات رأب الصدع، وتسوية الخلافات، كانت قصيرة العمر وهشَّة، في محتواها، وحيثياتها، وإجراءاتها، واصطدمت بجدار عدم الثقة بين الطرفيْن. تُرى، ماهي الحقيقة في هذه العلاقة المأزومة، والمستعصية على الاستواء، من حيث العمق، والخلفيات، والأبعاد؟"(ص153).

"بدلًا من الخاتمة" جاء فصل "فتح وحماس جذور الأزمة وخلل البدايات" قدم فيه الباحث فتحي عبد العليم  تشريحًا جيدًا للأزمة بين "فتح" و"حماس" ربما ساعد هذا التشريح في إيجاد حل لهذا الانقسام أو لربما أفاد في محاولة تفادي مزيد من الانقسام عبر الاتفاق على هدف رئيسي دون الالتفات للخلفيات الفكرية لكل من التنظيمين.
 
أرخ الكتاب لحركة "فتح" منذ النشأة والتحولات التي عصفت بها وكذلك جذور الصراع بينها وبين حركة "حماس" باعتبارهما أكبر فصيلين للمقاومة في فلسطين، معتمدًا على مجموعة كبيرة من المراجع المتنوعة، شملت الكتب والمواقع الإلكترونية واللقاءات الخاصة. بالإضافة لمحاولة الوقوف على تاريخ  نشأة الحركة ويترك المحرر للقارئ مهمة استخلاص العبر بناء على ما آلت إليه الأمور وكيفية حدوث التحول من الشيء لنقيضه.
 
أخلف المحرر وعده مع القراء حين اختار عنوان "فتح من البندقية للسرداب"، ولم يُضمِن متن الكتاب  مقصده من العنوان وأي سرداب يقصد.
  
ذكر المحرر في ختام مقدمته للكتاب أنه يستهدف التأريخ لحركة "فتح" كجزء من الذاكرة الوطنية الفلسطينية، وحسنًا فعل وقد التزم المحرر وكذلك الباحثين بالموضوعية وسرد الأحداث مدعمة بالمراجع دون ان ينحاز أي منهم للحركة أو يجور عليها، والمحرر هنا هو عبد القادر ياسين، المؤرخ الفلسطيني، المقيم بالقاهرة، والمعروف بموضوعيته الشديدة وتمسكه بأساسيات البحث العلمي، والذي صدر له أكثر من 70 كتاب منهم ما كتبه منفردُا ومنه ما قدمه مع باحثين من تلاميذه، مثل الكتاب الذي بين يدينا. بالاضافة إلى أن المحرر عاصر الأحداث وعايش بعضها مما أعطاه القدرة للحكم على المعلومات.
 
أجاد الباحثون تقديم مادتهم العلمية بأسلوب متسلسل ومنظم، يسهل على القارئ متابعته وفهمه، وقد اعتمد المحرر تسلسلا منطقيا لأبواب وفصول كتابه، وكأن كل باب يسلمنا للذي يليه في سهولة ويُسر. ما يجعله كتابا مفيدا للقارئ المتابع للتاريخ، والملتحقين بالعمل السياسي، كما للباحثين في الحركات السياسية والتاريخ، وصانعي القرار السياسي، بما تضمنه من معطيات دقيقة عن حركة "فتح"، التي تعد واحدة من أهم الفصائل الفلسطينية. 

التعليقات (1)
ابوعمر
الإثنين، 23-08-2021 01:54 م
فتح من البندقية الى أحضان العمالة والاستثمارات التي تدر الأموال لأعضاءها الذين امتلأت بطونهم كالحوامل. وبرزت مؤخراتهم كالبهائم أعزكم الله
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل