هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
صار اللواء فؤاد علام وكيل أمن الدولة السابق أيقونة للكذب الأمني في مصر، لم يغيره سن، ولا شيخوخة تقربه من لقاء ربه لأن يكف عن افترائه وكذبه سواء عن الإخوان المسلمين، أو عن الإسلاميين، والذين كان يمارس معهم أبشع أنواع التعذيب في السجون، حتى لقبه المساجين وقتها بـ: "ملك التعذيب"، ومثل هذه النوعية من الناس تظل جرائمه تطارده دوما، وللهرب منها يمارس الكذب، ويصر على ذلك، حتى يتوهم الناس والباحثون أنها حقائق، ولكن اكتشاف كذبها من الميسور على الباحث في تاريخ الإخوان والحركات الإسلامية، وبخاصة أنه يضع أدلة تكذيبه بين ثنايا كلامه، ولا يفطن لذلك إلا من يدقق خلف كلامه وكلام أمثاله من الكذبة والمفترين تاريخيا.
آخر أكاذيب فؤاد علام: أنه ادعى منذ أيام، في لقاء تلفزيوني على قناة (Ten)، والتي كانت قبل ذلك تحمل اسم: قناة التحرير، والتي أجبرت المخابرات الحربية أصحابها على بيعها، لتديرها بعد ذلك، قال علام: إن كتاب (دعاة لا قضاة)، كتبه الأمن المصري، وسهل للإخوان كتابته بتوجيه أمني، وأن اسم حسن الهضيبي على الكتاب مجرد اسم فقط، ولم يكتبه، وأن كاتب الكتاب الحقيقي هو المرحوم الشيخ جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى السابق، وأحد علماء الأزهر الشريف.
ونبدأ أولا بالحديث عن جمال قطب رحمه الله، وهل له دور من قريب أو بعيد بالكتاب؟ ومن مؤلف الكتاب؟ وما علاقة الأمن المصري بالكتاب؟ أولا: إن جمال قطب رحمه الله مواليد: 24 ـ 6 ـ 1949م، وكتاب دعاة لا قضاة تمت كتابته في نهاية سنة 1968م، أي: أن عمر جمال قطب وقتها (19) عاما، في الثانوية الأزهرية، فأي طالب في الثانوية الأزهرية سيكتب كتابا بحجم وعمق دعاة لا قضاة؟!
كما أن جمال قطب لم ينضم للإخوان المسلمين يوما واحدا، لا تعاطفا، ولا تنظيميا، ولم يجمعه بهم إلا العمل السياسي العام كتيار سياسي إسلامي عام، بل في كثير من اختيارات الإخوان السياسية كان قطب عكسها تماما، فالدورة الوحيدة التي دخلها جمال قطب مجلس الشعب، كانت سنة 1990م، وهي السنة التي قاطع فيها الإخوان والمعارضة جميعا انتخابات البرلمان المصري في عهد مبارك، ودخلها قطب وكان نائبا عن دائرة إمبابة بالجيزة.
والانتخابات الأخرى التي دخلها قطب بعد ذلك، ودخلها الإخوان، كان مرشحا ضد مرشح الإخوان المسلمين وكانت في دائرة أوسيم محافظ الجيزة، والتي لم ينجح فيها قطب ولا مرشح الإخوان: د. علي بطيخ، والتي زورها الحزب الوطني كاملة، ولم ينجح للإخوان مرشح، سوى مرشح واحد بالخطأ، وهو النائب علي فتح الباب، وقد كان بقصة عجيبة، فقد زور محمد علي محجوب وزير الأوقاف الانتخابات، وكان مرشحا للحزب الوطني، على مقعد الفئات، والمفترض أن يتحالف مع مرشح العمال للحزب الوطني، لكنه تحالف مع المعارض صوريا وقتها مصطفى بكري، وعندما تمكن المحجوب من التزوير اضطر من زوروا له حتى يصح الصوت أن يكون هناك مرشح عمال، ولم يجدوا سوى مرشح الإخوان الذي كانت له إعادة، فنجح المرشح الوحيد للإخوان والمعارضة جميعا هذا العام، وعاقب مبارك المحجوب بعزله من الوزارة!!
كما أن جمال قطب بما أنه لم ينضم للإخوان، أيضا لم يتم اعتقاله لساعة زمن واحدة قط، فالرجل لم يعتقل، ولم يدخل السجن، ولا أي قضية سياسية، لأنه لا علاقة له بأي تنظيم للجماعات الإسلامية مطلقا، فمتى كتب الكتاب؟ هل اتفق الأمن المصري وقتها مع طالب في الثانوية الأزهرية غير معروف، ليكتب كتابا، بينما لدى الأجهزة الأمنية شيوخ سلطة لا حصر لها وقتها، فهو كلام غير منطقي، ولا ينطلي إلا على السذج، كما حدث من ضيوف البرنامج مع فؤاد علام، وكان منهم: ثروت الخرباوي، ومختار نوح، وعبد المنعم السعيد، وكانوا جالسين جلسة المصدق المؤمن على كلام علام، ولو فكروا للحظة واحدة لرفضوا تخاريف وأكاذيب علام.
أما من كتب كتاب (دعاة لا قضاة) فالحقيقة أنه من تأليف لجنة شكلت من الإخوان في السجن، كانت بإشراف مرشدها الأستاذ حسن الهضيبي، وكان معظمها من أهل العلم من الأزهريين في الإخوان، وكان الهضيبي الأب والإبن لهما دور كبير في الكتاب، وبخاصة الهضيبي الأب، ومن يقرأ الكتاب سيشعر بنفس علمي لشخص له تضلع واطلاع بفكر ابن حزم وفقهه، والهضيبي الأب كان على اطلاع بالفقه الإسلامي، وله إسهامات ونقاشات تدل على عمقه الفقهي، ومن ذلك:
أن حسن الهضيبي عقب على الشيخ حسن البنا عندما كتب سلسلة مقالات بعنوان: (ألا هل بلغت اللهم فاشهد)، والتي خرجت بعد ذلك في رسالة بعنوان: (مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي)، وتعقبه الهضيبي، وأقر البنا ملاحظاته وتعقباته، وشهد له بسعة العلم والفقه والاطلاع، وقد نشرت جريدة الإخوان المسلمين تفاصيل هذا النقاش، في شهر كانون الأول (ديسمبر) سنة 1947م.
وقد كانت هناك محاضرة للعلامة الشيخ محمد أبو زهرة، وتحدث فيها عن الربا والمعاملات المالية، بحضور عدد من فقهاء الشريعة والاقتصاد، وقد عقب حسن الهضيبي تعقيبا يدل على عمقه وتبصره بالفقه الإسلامي، وذكرت مجلة (المسلمون) في آذار (مارس) سنة 1953م، تفاصيل النقاش، ورد الشيخ أبي زهرة عليه، مقرا بملاحظات الهضيبي عليه.
الكتاب ليس كما يدعي علام وأمثاله أنه خطة أمنية، بل خرج عن فكر الإخوان، لمواجهة فكرة التكفير، وهو ما استدعى عددا من فقهاء وعلماء الإخوان لكتابة ردود على هذه الفكرة، منهم: د. يوسف القرضاوي، والمستشار سالم البهنساوي، وغيرهما.
ما سلف ذكره ينم عن عقيلة الهضيبي الفقهية، والتي تؤهله للتصدي لموضع خطير كموضوع التكفير، كما أن اللغة التي كتب بها الكتاب هي لغة حسن الهضيبي، والأسئلة التي وجهت له وأجاب عنها، هي إجابات حسن الهضيبي، فكيف يجيب إنسان عن أسئلة مبنية على كتاب مكتوب، ليس هو كاتبه؟!
ومن الواضح جدا كثرة الاستشهاد بفقه ابن حزم، وكتاب (الفصل في الملل والأهواء والنحل) لابن حزم، ولم يكن في ذلك الوقت من ثقافة الإخوان قراءة فقه ولا فكر ابن حزم، بل كان الوحيد المعروف بذلك في الإخوان المسلمين جميعا هو حسن الهضيبي، ثم خلف من بعده: مأمون الهضيبي. وهو ما شهد به حسن البنا حينما أراد أن يعرف قراء مجلة (الشهاب) بحسن الهضيبي، فقال: وله اطلاع واسع على فقه ابن حزم، وله دراسات وبحوث غير منشورة.
فالكتاب ليس كما يدعي علام وأمثاله أنه خطة أمنية، بل خرج عن فكر الإخوان، لمواجهة فكرة التكفير، وهو ما استدعى عددا من فقهاء وعلماء الإخوان لكتابة ردود على هذه الفكرة، منهم: د. يوسف القرضاوي، والمستشار سالم البهنساوي، وغيرهما.
وما يخجل علام من ذكره، أن الإخوان استخدموه بما يطلق عليه العامة: (كوبري) وسيلة لنقل الكتاب في الزنازين، وخارج السجن، ليرفع عن نفسه هذا الحرج بادعاء أن الكتاب كان من الأمن، وبتخطيط منه، وهو ما تكشف الأيام والأحداث كذبه يوما بعد يوم، فكل فترة ينسب الكتاب لمؤلف غير الآخر، مرة لعلي إسماعيل أخو عبد الفتاح إسماعيل، ومؤخرا ينسبه لجمال قطب، ولا ندري غدا لمن سينسبه؟!
لم يعد هناك باحث منصف، أو لديه دقة علمية، يرجع لتخاريف فؤاد علام عن الإخوان أو الجماعات، فالرجل تاريخه يدل على أنه يرتزق بالكذب والادعاء على الإخوان وغيرهم، وكلما خفت بريقه وكذبه، يحاول إعلاميو السلطة إعادة تدويره.
Essamt74@hotmail.com