قضايا وآراء

قوات "قسد" الانفصالية بين الحسم التركي والتذبذب الروسي

حازم عيّاد
1300x600
1300x600

استهدفت طائرات تركية مساء الثلاثاء 9 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري عناصر انفصالية تتبع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينة القامشلي السورية؛ الهجوم بطائرات مسيرة ليس الأول من نوعه في المدينة إذ سبقه هجمات مماثلة في المدينة وعين العرب (كوباني) من قبلها.

 تكرار الهجمات في مدينة القامشلي يوم أول أمس حمل دلالات قوية تؤكد سعي تركيا لتوسيع نطاق عملياتها شرق الفرات؛ والمضي قدما في عمليتها العسكرية بانتزاع السيطرة من قوات قسد الانفصالية على تل رفعت، ومنبج، وعين العرب (كوباني)، والمالكية مستقبلا.

 رغم الدعم الأمريكي والمناورات السياسية والعسكرية الروسية؛ تواصل النشاط العسكري التركي باستهداف الانفصاليين الأكراد وعلى رأسهم الناشطين في حزب العمال الكردستاني في القامشلي؛ نشاط لم يردعه الدعم الأمريكي والزيارات التضامنية لبرنارد هنري ليفي المستشرق الصهيوني والأكاديمي الفرنسي لمناطق سيطرة الانفصاليين شرق الفرات.

ليفي سيئ السمعة والصيت التقى زعيم التنظيم الانفصالي مظلوم عبدي في 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ معلنا دعمه للانفصاليين وقوات روجافا الانفصالية بعد أن قال في حسابه على تويتر مرفقا التغريدة بصورة تجمعه مع قادة الانفصاليين: "في مكان ما في روجافا؛ على يميني جنرال أسطوري مظلوم عبدي كوباني؛ له الشرف الكبير لكونه العدو الأول لأردوغان"؛ زيارة لم تغضب تركيا أو النظام السوري بقدر ما أغضبت روسيا التي اعتبرتها رفضا مباشرا من  قادة الانفصاليين للتفاوض مع موسكو وقبولا بالأجندة الأمريكية والأوروبية.

تركيا لم تعقها التحركات العسكرية الروسية في مدينة القامشلي بعد أن عززت موسكو  حضورها في مطار المدينة بطائرات من طراز (سو 35) في 28 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ تزامنا مع تمديد البرلمان التركي التفويض الممنوح للرئيس أردوغان لعامين إضافيين بإرسال قوات إلى العراق وسوريا يوم 27 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت؛ فروسيا أرادت أن تذكر تركيا بنفوذها وحضورها العسكري وضرورة أخذ مصالحها في المدينة بعين الاعتبار .

 

الغارات الجوية التركية تهيء الأجواء لتدخل تركي حاسم في الشمال السوري ينهي التذبذب الروسي تجاه المشروع الانفصالي الكردي ويضعف مموليه الأمريكيين في الآن ذاته ومن وراءهم من قوى إقليمية مختبئة خلف ستار مواجهة إيران والإرهاب والدفاع عن وحدة سوريا وأراضيها.

 



رغم التعزيزات والمناورات العسكرية التي أجرتها روسيا بالقرب من حلب وإدلب والقامشلي بقى الموقف الروسي من قوات سوريا الديمقراطية متذبذبا بسبب تفضيل قوات (قسد) ومن معها من فصائل انفصالية التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ تذبذب فتح الباب واسعا لمزيد من التحركات التركية؛ فروسيا وعلى لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف انتقدت واشنطن يوم الثلاثاء 9 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي بالقول: "إن دعم واشنطن للميول الانفصالية في شمال شرق سوريا، قد يؤدي إلى أن المشكلة الكردية لن تمس سوريا فقط، بل ودول المنطقة".

لافروف لم يكتف بانتقاد الولايات المتحدة بل حذر الأكراد الانفصالين، في مؤتمر صحفي عقب محادثات مع سكرتير الكرسي الرسولي للعلاقات مع الدول بول ريتشارد غالاغر بالقول: "أنصح الأكراد بأن لا ينجرفوا خلف المغازلة التي يواصلها زملاؤنا الأمريكيون معهم، الذين يدفعون الأمر نحو تأجيج النزعات الانفصالية في شرق سوريا؛ ويحاولون جعل خططهم هذه كمصدر للتوتر، فهي موجهة ضد الحفاظ على الدولة السورية، موحدة؛ بشكل عام، هذه ألعاب خطيرة يمكن أن تؤدي إلى اشتعال المشكلة الكردية بشكل جدي للغاية في جميع أنحاء المنطقة، لأن أبعادها لا تشمل سوريا فحسب، بل وتشمل دولا أخرى أيضا".

النشاط الأمريكي شرق الفرات وتمسك الأكراد الانفصاليين بالحليف الأمريكي على حساب الروسي فتح الباب لأنقرة المضي في عملياتها العسكرية ضد الانفصاليين؛ فالضغوط العسكرية التركية من الممكن أن تتصاعد لتتحول إلى عملية عسكرية واسعة تنهي الوجود الانفصالي في عين العرب وعين عيسى ومحيطها في المستقبل القريب؛ تقدم من الممكن أن يضعف الأجندة الأمريكية وفي الآن ذاته يعزز من نفوذ روسيا والنظام السوري شرق الفرات على حساب التحالف القائم بين الأكراد الانفصاليين والولايات المتحدة؛ فالضغوط التركية على الانفصاليين تحقق مصلحة الأتراك والعرب والنظام السوري وروسيا في الآن ذاته.

ختاما .. الغارات التركية أضعفت الوجود الانفصالي الكردي وعززت الوجود السوري والروسي بعد أن دخلت العلاقة بين الجيش السوري وقوات قسد مرحلة خطيرة أدت إلى تصاعد المواجهات بين الطرفين خلال الأشهر القليلة الماضية؛ نجاح تحقق دون الصدام مع أمريكا وحلفائها؛ فالغارات الجوية التركية تهيئ الأجواء لتدخل تركي حاسم في الشمال السوري ينهي التذبذب الروسي تجاه المشروع الانفصالي الكردي ويضعف مموليه الأمريكيين في الآن ذاته ومن وراءهم من قوى إقليمية مختبئة خلف ستار مواجهة إيران والإرهاب والدفاع عن وحدة سوريا وأراضيها. 

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)