شركات تحوّل الوقت إلى "تايم كوين".. كيف يمكن استخدامها؟

انتشرت على مدى العقد الماضي خدمات "بنوك الوقت" في عدد من الدول، والتي لا تدفع المال لشخص ما مقابل عمل يقوم به، بل بدلا من ذلك، يمنح هذا الشخص أرصدة زمنية يمكنه استخدامها بعد ذلك للحصول على خدمة من جهة أخرى أو شخص آخر من دون دفع المال.

بنوك الوقت هو نظام يتم فيه تبادل الخدمات بين الأفراد بدون استخدام النقود، ويتم ذلك من خلال تبادل ساعات العمل بدلاً من الأموال. فعندما يقوم فرد ما بتقديم خدمة معينة لآخر، يتم حساب عدد الساعات التي يستغرقها تقديم هذه الخدمة، ويتم تسجيلها في حسابه الخاص في بنك الوقت. ومن ثم يستطيع هذا الشخص استخدام هذه الساعات المدخرة للحصول على خدمة مقابلها من أي شخص آخر في النظام.

ومن ضمن هذه الشركات، مشروع تايمريبابليك، وهو من بنات أفكار المؤسسَين السويسريين غابرييل دوناتي وكريم فاريني، حيث أطلقا النسخة الأولى في سويسرا في عام 2012، لكن التوسع باتجاه الاستخدام على نطاق دولي جاء في العامين الماضيين.

ويحصل المستخدمون الذين يقدمون خدمة على رصيد في شكل وقت ويسمى تايم كوين "TimeCoin"، بواقع نقطة عن كل 15 دقيقة بغض النظر عن الوظيفة التي تقدمها، سواء كانت قطع العشب في حديقة جارك، أو إعطاء دروس الرياضيات عبر مكالمة فيديو.

وأصبح لتايمريبابليك TimeRepublik اليوم مقر في كل من لوغانو في سويسرا ونيويورك في الولايات المتحدة، ولديه أكثر من 100 ألف مستخدم حول العالم.

هناك منظمة أخرى تعكف على نشر فكرة مماثلة عبر الإنترنت وهي مؤسسة تايمبانكينغ Timebanking UK الخيرية في المملكة المتحدة. وتقدم المنظمة العون والبرمجيات اللازمة لمساعدة المجتمعات والمنظمات في جميع أنحاء المملكة المتحدة على إعداد خططها ومشاريعها الخاصة المرتبطة باستخدام الوقت بدلا من المال لقاء الخدمات.

تسمح الأنظمة الأساسية للمستخدمين بنشر العروض والطلبات وتسجيل ساعات العمل وترك التعليقات.

وفي شركة تيمبو تايم كريديتس Tempo Time Credits ومقرها كارديف في المملكة المتحدة، يختلف نموذج "بنك الوقت" قليلا عن باقي الجهات التي تقدم هذه الخدمة. إذ أنه وبدلا من كسب المشاركين أرصدة يمكنهم استردادها من شخص آخر يقوم بعمل لصالحهم، فإنهم يحصلون على أرصدة يمكنهم استردادها في شركات وجهات مشاركة في الخدمة، مثل الصالات الرياضية المحلية ودور السينما ومحلات المواد الغذائية ومناطق الجذب السياحي.

تقول ريتشل غيغيشيدز، الرئيسة التنفيذية لشركة تيمبو تايم كريديتس Tempo Time Credits، إن نظامها القائم على الإنترنت هو وسيلة لجذب المتطوعين ومكافأتهم. يتم استخدامه من قبل السلطات المحلية في جميع أنحاء المملكة المتحدة للمساعدة في تطوير المشاريع التي تهدف إلى تحسينات المجتمع الرئيسية، مثل معالجة الشعور بالوحدة أو معالجة الفقر.

وتشرح الرئيسة التنفيذية للشركة قائلة: "إنها حقا تدعم الأشخاص وتدفعهم للقيام بأشياء جديدة وخوض تجارب جديدة... ولكن بالإضافة لذلك لدينا أيضا برامج لإشراك المستأجرين في مجتمعاتهم وتحسين الصحة والرفاهية".

وقد أظهر تقرير التأثير لعام 2022 الصادر عن المؤسسة الخيرية أن هناك 10731 مشاركا نشطا وحوالي 1100 منظمة مشاركة. ووجد التقرير أيضا أن 84 بالمئة من المشاركين شعروا بمزيد من الإيجابية حيال حياتهم ومستقبلهم.

وتشمل الخدمات التي يمكن تبادلها في بنوك الوقت: تدريس اللغات، والمساعدة في الحدائق والمزارع، والعمل في الأعمال المنزلية، ومساعدة الجيران والأصدقاء في المهام اليومية وما إلى ذلك.

تهدف بنوك الوقت إلى تشجيع التعاون والتضامن بين الأفراد، وتعزيز العدالة الاجتماعية، كما تساعد في تقليل استخدام النقود والتقليل من الاعتماد عليها في التبادل التجاري، وتحفيز المشاركة المجتمعية والتطوع.

وتوفر بنوك الوقت خدمات متبادلة ومجانية للمشاركين فيها، وتحفيزهم على تقديم خدمات مفيدة للمجتمع والآخرين. وعلى المدى البعيد، تساهم بنوك الوقت في تعزيز التضامن الاجتماعي والمشاركة المجتمعية وتعزيز الثقة بين الأفراد.

وتستفيد بنوك الوقت من خلال تشجيع المشاركة المجتمعية والتطوع، والذي يؤدي في المقام الأول إلى تحسين الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع. وتعمل بنوك الوقت أيضًا على تحسين جودة الحياة وتقليل التوتر والضغط في المجتمع، وهذا يعود بالنفع على الجميع.

اظهار أخبار متعلقة

ومن الجوانب الأخرى، تساهم بنوك الوقت في توفير بيئة مرنة وفعالة للتبادل، مما يتيح للمشاركين فيها تقديم واستقبال الخدمات التي يحتاجون إليها بشكل أكثر مرونة وكفاءة، وبدون الحاجة إلى استخدام النقود أو التفاوض على الأسعار.

ويمكن أيضاً أن تستفيد بنوك الوقت من دعم مشاريع وأنشطة مجتمعية تفيد المجتمع بشكل عام، والتي يمكن تنفيذها باستخدام الوقت والجهود المتاحة لدى المشاركين في النظام.

في المقابل، لا تحقق بنوك الوقت أرباحاً مادية بشكل مباشر، لأن الهدف الأساسي منها هو تبادل الخدمات بدون استخدام النقود. ولكن، يمكن أن تحقق بعض الأرباح غير المباشرة، مثل زيادة الانتشار والشعبية، مما يسهم في جذب عدد أكبر من المشاركين وزيادة الخدمات المتاحة في النظام، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الفرصة لتقديم خدمات إضافية في المستقبل.