قضايا وآراء

الاحتفاء الإسرائيلي والحرج الأردني

حازم عيّاد
سقطت بعض شظايا الصواريخ الإيرانية في الأراضي الأردنية- جيتي
سقطت بعض شظايا الصواريخ الإيرانية في الأراضي الأردنية- جيتي
احتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالنصر الذي حققته على طهران، بعد زعمها إسقاط 99 في المئة من المسيرات والصواريخ البالستية والمجنحة التي أطلقتها طهران ليلة السبت الموافق الرابع عشر من نيسان/ أبريل الحالي وبلغ تعدادها 320؛ انتقاما من العدوان على قنصليتها في دمشق مطلع نيسان/ أبريل الحالي.

وسائل الإعلام العبرية احتفت بغرفة عمليات مزعومة كشف عنها مسؤول إسرائيلي لموقع "زمان يسرائيل" العبري التابع لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تضم الأردن ومصر والسعودية وأبو ظبي وقطر وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، وشاركت في التصدي للهجوم الإيراني عبر قواعدها ومنظومات الرادر التي تشرف عليها في هذه البلدان.

النصر وغرفة العمليات المزعومة برزت كمدخلات في عملية رسم ملامح الرد الإسرائيلي على العملية الإيرانية، التي استندت فيها طهران للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة؛ إذ تعطي الحق للدول في الدفاع عن نفسها في حال تعرضها لعدوان، وفي الحالة الإيرانية كان تعرض القنصلية الإيرانية في دمشق للعدوان الإسرائيلي مبررا لتفعيلها.

يصعب تفكيك ما حدث في الرابع عشر من نيسان/ أبريل، دون النظر إلى تداعياته على الدول العربية، وخصوصا الأردن الذي قدم روايته لما حدث باعتباره دفاعا عن سيادته، ورفضه لأن يكون ساحة للمواجهة بين إيران والكيان الإسرائيلي. فالحدث اختُزل إسرائيليا بالمشاركة الأردنية التي احتفت بها الصحافة العبرية والمسؤولون الصهاينة على نحو محرج لعمّان؛ ليقدم للجمهور الإسرائيلي باعتباره نصرا سياسيا وإنجازا عسكريا كبيرا.

لم يتوقف النقاش داخل الكيان حول آلية الرد وكيفيته بشكل لا يلحق ضررا بالتحالف المزعوم؛ الذي بدونه لم يكن للكيان أن يتصدى لهذا الكم من الصواريخ والمسيرات، فالدول ذاتها وعلى رأسها الأردن تبدو مطالَبة في حال انتهاك مجالها الجوي من الكيان الإسرائيلي، بالتصدي للطائرات والصواريخ الإسرائيلية وحدها هذه المرة؛ إذ لن تستجيب أمريكا وبريطانيا وفرنسا لنداءات الأردن للدفاع عن أجوائه في حال كان المعتدي الكيان الإسرائيلي هذه المرة، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ضمنا، خلال لقائه وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في برلين الثلاثاء الفائت، بإشارته إلى المعايير المزدوجة التي يتعامل فيها الغرب مع القانون الدولي ومفاهيم الحق والعدل.

يصعب تفكيك ما حدث في الرابع عشر من نيسان/ أبريل دون النظر إلى تداعياته على الدول العربية، وخصوصا الأردن الذي قدم روايته لما حدث باعتباره دفاعا عن سيادته، ورفضه لأن يكون ساحة للمواجهة بين إيران والكيان الإسرائيلي. فالحدث اختُزل إسرائيليا بالمشاركة الأردنية التي احتفت بها الصحافة العبرية والمسؤولون الصهاينة على نحو محرج لعمّان؛ ليقدم للجمهور الإسرائيلي باعتباره نصرا سياسيا وإنجازا عسكريا كبيرا، وزاد من حرج الموقف الأردني تعرضه لحملة إيرانية، وانتقادات محلية وعربية واسعة لا يمكن تجاهلها.

ضغط مضاعف ومتعدد الاتجاهات يحتم على الأردن التصدي لأي محاولة إسرائيلية لاختراق أجوائه في إطار ردها الكيان على إيران، الأمر الذي يجهد الأردن على تأكيده للجمهور الأردني والعربي بالتصريحات وعبر تكثيف الطلعات الجوية لسلاح الجو الأردني، فيما يمكن وصفة بصخب السماء والأرض الذي لا يكاد ينقطع في سماء العاصمة عمّان وفضاءاتها الإعلامية.

ما هي الخيارات الأمثل التي كان على الأردن أن يتبعها؟ وهل كان قرار المشاركة في التصدي للمسيرات الإيرانية القرار الأمثل والحكيم، أم إنها ورطة تتحمل مسؤوليتها أمريكا وبريطانيا ومن خلفهما فرنسا.

بعض وسائل الإعلام العبرية تنبهت لهذه الحقيقة، دافعة بعض المحلليين للدعوة لضرورة الحذر من التفاؤل المفرط المتولد عن المشاركة الأردنية، فالتوتر على الجانب الأردني يعقد الحسابات الإسرائيلية ويضيق هامش الحركة والرد الإسرائيلي، خصوصا بعد أن أعلنت أمريكا عدم مشاركتها بأي رد انتقامي إسرائيلي ضد طهران، وهو بمنزلة فيتو أمريكي ضمني يمنع "إسرائيل" من استخدم الأجواء الأردنية، فهل يلتزم قادة الكيان؟ أم إن قدر الأردن أن يتورط في هذه المواجهة، باعتباره الحلقة الأضعف وتضغط عليه الأطراف كلها، وتتحدث بلسانه في لعبة باتت أشبه ما تكون بشد الحبل؟

ختاما.. السؤال الأخير الذي سيبقى مفتوحا لفترة ليست بالوجيزة أردنيا وعربيا: ما هي الخيارات الأمثل التي كان على الأردن أن يتبعها؟ وهل كان قرار المشاركة في التصدي للمسيرات الإيرانية القرار الأمثل والحكيم، أم إنها ورطة تتحمل مسؤوليتها أمريكا وبريطانيا ومن خلفهما فرنسا، التي أكد رئيسها في بث إذاعي (بودكاست) عبر راديو "RMC" الفرنسي، أن الأردن هو من طلب من فرنسا التصدي للمسيرات الإيرانية؟ وزاد إيمانويل ماكرون الأمر سوءا بقوله؛ إن ذلك جاء لحماية إسرائيل"، وبذلك يكون ماكرون قد انضم للعبة شد الحبل على الجانب الإسرائيلي لا الأردني.

twitter.com/hma36
التعليقات (0)