قضايا وآراء

الاحتفال بالعيد مقاومة.. ورسالة إلى روح مرسي

قطب العربي
فرحة العيد في غزة- عربي21
فرحة العيد في غزة- عربي21
مع حلول العيد وكل عيد خلال السنوات القليلة الماضية سرت موجة من الكآبة، ترفع شعار"عيدنا يوم انتصارنا"، أو عيدنا يوم تحررنا، أو عيدنا يوم خروج أسرانا، وهو شعور نبيل بالتأكيد، يعلي من فكرة التضامن مع المكلومين سواء كانوا أسر شهداء أو معتقلين أو مهجرين ولاجئين.. إلخ، لكن الاستسلام لهذه المشاعر السلبية يصب في نهاية المطاف في مصلحة الطرف أو الأطراف التي صنعت تلك المآسي، وأرادت لخصومها أن يعيشوها، ولا يخرجوا منها، فهذه هي الحالة المثالية التي تبقي هؤلاء الضحايا في حالة انكسار، وهو عين المطلوب من أعدائهم، سواء كان هؤلاء الأعداء احتلال عسكري مثل الكيان الصهيوني في فلسطين، أو أنظمة قمعية مستبدة كما هو الحال في غالب العالم العربي.

الحقيقة أن المقاومة، سواء للاحتلال الإسرائيلي أو للاستبداد السياسي، لم تتوقف يوما، حتى وإن ضعفت أحيانا، لكن جزءا من هذه المقاومة يكون بإدراك مرامي العدو (احتلال أو استبداد) وعدم التساوق معها، بل تحديها بكل الطرق الممكنة، ومن ذلك إبراز مظاهر البهجة والفرح في المناسبات الدينية والوطنية.. الخ، فهذه المشاهد الاحتفالية تغيظ العدو، لأنها ببساطة تثبت أنه فشل في مهمته المتعلقة بكسر إرادة ضحاياه.

المقاومة، سواء للاحتلال الإسرائيلي أو للاستبداد السياسي، لم تتوقف يوما، حتى وإن ضعفت أحيانا، لكن جزءا من هذه المقاومة يكون بإدراك مرامي العدو (احتلال أو استبداد) وعدم التساوق معها، بل تحديها بكل الطرق الممكنة، ومن ذلك إبراز مظاهر البهجة والفرح في المناسبات الدينية والوطنية

لقد شاهدنا في مخيمات غزة في رمضان الماضي وفي عيد الفطر مظاهر للاحتفال بالعيد، وكم أدخل ذلك السرور علينا نحن المتألمين لما يعانيه ويكابده أهل القطاع، والرافضين لإبداء أي مظاهر احتفاء وفرح احتراما لمشاعرهم. كما أننا نرى صورا ومقاطع فيديو تتسرب أحيانا من داخل بعض السجون المصرية -وقد يكون الأمر مكررا في سجون اليمن وسوريا وتونس- متضمنة احتفالات ومظاهر بهجة للسجناء بقدوم رمضان أو بالعيد، أو حتى في حفلات سمر طبيعية حين تتاح لهم الظروف في بعض السجون، لأن هناك سجونا أخرى تضيق تضييقا شديدا على نزلائها، وتمنعهم حتى من صلاة الجماعة.

الأصل في الأعمال هو النية حسب الحديث النبوي "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، فحين تكون الفرحة والسرور في هذه المناسبات بنيّة إبراز الثبات والصمود ومقاومة حالة الانكسار التي يريد العدو فرضها، فساعتها تكون تلك الفرحة والبهجة عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، ولنتصور كيف يرى العدو مظاهر التحدي هذه لدى ضحاياه الذين أراد إذلالهم وكسر إرادتهم! المؤكد أنه يتألم كثيرا لفشل جهوده، وقد يحمله ذلك في لحظة معينة إلى ضرورة التفاهم مع هؤلاء الضحايا بعدو أن فشل في هزيمتهم معنويا.

إن مظاهر الفرح التي يبديها بعض أهل غزة مع كل مناسبة دينية أو اجتماعية بينما هم لا يزالون تحت القصف تربك العدو وتصيبه بالجنون، فكيف لهذا العدو وقد استخدم كل ما لديه واستعان بما لدى غيره من قوة ليصبها فوق رؤوس هؤلاء القوم، فيقتل الآلاف منهم، ثم هم بعد ذلك يعلقون الزينات بقدوم رمضان، ويوزعون الحلويات عند قدوم الأعياد، أو حتى عند تلقيهم نبأ استشهاد ذويهم، ثم هم في هذا الحر يهرعون إلى شواطئ غزة لقضاء بعض الوقت في بحرها.

قد يرى البعض أن هذه المظاهر يمكن أن يستخدمها العدو لتسويق روايات كاذبة عن سماحه بهذه المظاهر لأهل غزة رحمة منه، أو أن الخسائر بين أهل القطاع سواء بشرية أو مادية ليست كما تصورها المقاومة، لكن الحقيقة أن هذه المظاهر لم يسمح بها العدو بل انتُزعت منه انتزاعا، وهي جزء من حالة مقاومة متعددة المظاهر،
قد يرى البعض أن هذه المظاهر يمكن أن يستخدمها العدو لتسويق روايات كاذبة عن سماحه بهذه المظاهر لأهل غزة رحمة منه، أو أن الخسائر بين أهل القطاع سواء بشرية أو مادية ليست كما تصورها المقاومة، لكن الحقيقة أن هذه المظاهر لم يسمح بها العدو بل انتُزعت منه انتزاعا، وهي جزء من حالة مقاومة متعددة المظاهر
كما أنها جزء من حرب نفسية مضادة للعدو نفسه لتصيبه هو باليأس والإحباط مما يفعله. فمهما قتل ودمّر فإن من تبقى من أهل غزة ومن أهل فلسطين متمسكون بحقهم في الحياة والحرية والوطن المستقل، وسيظلون يتزاوجون ويتكاثرون، ويقدمون أبناءهم شهداء في معارك العز والكرامة حتى يحرروا وطنهم ويقيموا دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

أعجبني كثيرا ما كانت قناة الجزيرة تحرص على بثه كفواصل بين برامجها من كلمات الأب الفلسطيني مانويل مسلم، راعي كنيسة اللاتين في غزة سابقا: "افرح إذن أنت تُقاوم، ازرع السلام والمحبة حولك إذا أنت تُقاوم، فقاوموا.. وازرعوا الفرحة ما استطعتم إليها سبيلا".

إلى روح مرسي

تحل غدا الاثنين الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس محمد مرسي في ساحة المحكمة (17 حزيران/ يونيو 2019) بينما كان يحاكَم في قضية تتعلق بفلسطين ودعم المقاومة، وهي القضية التي صُنفت باسم التخابر مع حماس، وهو شرف ما بعده شرف أن يستشهد مرسي أثناء نظر تلك القضية المزعومة. لقد كان مرسي رحمه الله داعما حقيقيا لغزة ولكل فلسطين، وستظل صرخته الداوية "لن نترك غزة وحدها" مسطّرة بأحرف من نور في مسيرة النضال الفلسطيني.

من فضل الله على الرئيس مرسي أن تأتي براءته من كل الأكاذيب التي اتهم بها تباعا على مدار السنوات الماضية، مثل أكذوبة بيع سيناء، وحلايب وشلاتين، وبرج القاهرة، والتفريط في مياه النيل، ويظهر جليا أمام المصريين وغيرهم أنها كانت اتهامات باطلة بحق مرسي، بينما هي اتهامات حقيقية بحق من رموه بها

من فضل الله على الرئيس مرسي أن تأتي براءته من كل الأكاذيب التي اتهم بها تباعا على مدار السنوات الماضية، مثل أكذوبة بيع سيناء، وحلايب وشلاتين، وبرج القاهرة، والتفريط في مياه النيل، ويظهر جليا أمام المصريين وغيرهم أنها كانت اتهامات باطلة بحق مرسي، بينما هي اتهامات حقيقية بحق من رموه بها. فالسيسي هو الذي باع تيران وصنافير، وقد كان مستعدا لبيع جزء من سيناء لولا تصاعد موجة الغضب الشعبي عقب طوفان الأقصى، وهو الذي تنازل عن حق مصر في مياه النيل، ولم يستطع انتزاع حق مصر في الإدارة المشتركة لمشاريع المياه في منابع النيل، وهو الذي أغرق مصر بالديون الخارجية والداخلية، وهو الذي هبط بقيمة الجنيه، وزادت في عهده البطالة والفقر.

قبل أيام شهدت ساحات السوشيال ميديا هجمة شعبية قوية ضد السيسي فتشت في دفاتره القديمة، وأعادت نشر تعليقاته القديمة التي وعد المصريين فيها بالمن والسلوى خلال فترة زمنية قصيرة، أو التي تعهد فيها بترك الحكم إذا رغب الشعب في ذلك، أو التي زعم فيها حل مشكلة الكهرباء بشكل دائم بل وتصديرها إلى دول الجوار.. إلخ، وهو ما لم يحتمله السيسي فأمر بحذف تلك التغريدات من صفحته تجنبا لمزيد من الفضائح، في الوقت الذي انتشرت على صفحات التواصل تعليقات تذكر بحسنات الرئيس مرسي رحمه الله خلال سنة حكمه، وتبدي أسفها على معارضتها له..

رحم الله مرسي ونجله عبد الله وفك أسر نجله أسامه، وحفظ بقية أسرته.

x.com/kotbelaraby
التعليقات (0)

خبر عاجل