قضايا وآراء

هل حوّل أسرى الضفة الغربية العشب إلى أشجار يصعب جزّها؟

حازم عيّاد
"صور صادمة لواقع المعتقلين؛ تعزز الاتجاه العام في الضفة الغربية لمقاومة الاعتقال والتصدي لقوات الاحتلال بكل الوسائل"- الأناضول
"صور صادمة لواقع المعتقلين؛ تعزز الاتجاه العام في الضفة الغربية لمقاومة الاعتقال والتصدي لقوات الاحتلال بكل الوسائل"- الأناضول
تجاوز تعداد الأسرى الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم بعد عميلة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 9600 أسير، انضموا إلى ما يقارب 5 آلاف أسير محتجزين قبل انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي تعرض الفلسطينيون فيه إلى التنكيل في معتقلات أعدها الاحتلال خصيصا لهم، وكان أبرزها "سدي تيمان".

لم يعد بالإمكان تحديد عدد الأسرى بدقة لدى الاحتلال لصعوبة التعرف على مصير المفقودين من الأطفال والنساء والرجال في قطاع غزة، إن كانو من الشهداء أم من الأسرى، ما يعني إمكانية تضاعف تعداد الأسرى، في حال خضوع المعتقلات للتفتيش الأممي والدولي.

الاحتلال لا يفصح عن الأرقام الحقيقة ويرفض السماح لمندوبي الصليب الأحمر زيارة الأسرى الفلسطينيين، الذين يعانون من أشد صنوف التعذيب، فضلا عن الإعدامات وسياسة التجويع والأمراض القاتلة التي أودت بحياة العشرات منهم؛ سياسة حرص وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير على تنفيذها في السجون والمعتقلات، ولم تُبد الدول والمؤسسات المكونة للمجتمع الدولي موقفا صارما تجاهها،
الاحتلال لا يفصح عن الأرقام الحقيقة ويرفض السماح لمندوبي الصليب الأحمر زيارة الأسرى الفلسطينيين الذي يعانون من أشد صنوف التعذيب، فضلا عن الإعدامات وسياسة التجويع والأمراض القاتلة التي أودت بحياة العشرات منهم.
إذ لا زالت تتحرك ببطء بتأثير من الضغط الأمريكي، وعدد من القوى الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وألمانيا؛ الدولة المحورية في الاتحاد الأوروبي.

واقع السجون والأسرى المتدهور وغياب الرقابة الأممية، يدفع الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى مقاومة القوات المقتحمة لقراهم وبلداتهم ومدنهم، رفضا للاعتقال ومواجهة الموت البطيء، ما قاد إلى تحول المواجهات إلى اشتباكات عنيفة ومسلحة تفضي إلى ارتقاء شهداء، فالاعتقال بمنزلة حكم بالإعدام إن لم يكن ما هو أسوأ؛ بتعرض المعتقل لإصابات تفقده أعضاء من جسمه، الداخلية أو الخارجية، فالفلسطينيون في الضفة باتت ظهورهم إلى الحائط.

الصور التي خرج بها الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء في قطاع غزة، حول واقع الأسرى، وإلى جانبه قائمة طويلة من شهادات الأسرى المفرج عنهم؛ أكدت هذه الحقيقة، الممثلة بوحشية الاحتلال وتحويلة معتقل "سدي تيمان" المخصص للغزيين بالقرب من مدينة بئر السبع في النقب إلى معسكر للإبادة، غير أن الصورة الصادمة جاءت من الضفة الغربية التي عكسها رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عبد العزيز دويك لدى خروجه؛ وقد فقد وزنه وجزءا كبيرا من كتلته الحيوية التي تحفظ حياته كإنسان، وآخرها صورة الأسيرين معزز العبيات من بيت لحم ومعاذ العمارنة، التي أكدت أن الاحتلال لا يعبأ بالجغرافيا، التي ينتمي لها الفلسطيني بقدر ما يعبأ بتنفيذ سياساته القمعية التي يريد من خلالها بث الرعب والخوف في صفوف الفلسطينيين، وتنفيذ سياسته بالتطهير العرقي على مرأى من العالم.

إنها صور صادمة لواقع المعتقلين؛ تعزز الاتجاه العام في الضفة الغربية لمقاومة الاعتقال والتصدي لقوات الاحتلال بكل الوسائل، إذ يُتوقع أن تزيد حالة المعتقلين من قوة وعنف التصدي للقوات المقتحمة للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، والأهم من ذلك كله أنها ستحشد عائلات أكثر من 10 آلاف أسير من الضفة الغربية للتحرك لحماية أبنائهم من التعرض لعملية تصفية وإبادة داخل المعتقلات الإسرائيلية، فالمعتقلات باتت نسخة عن معتقل "أوشفيتز" النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، فالكيان الإسرائيلي استنسخ التجربة النازية بكامل تفاصيلها، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة على الأرجح.

الضفة الغربية واقعا وحقيقة على شفير الانفجار، أمر أكده الجنرال المستقيل يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، وصاحب نظرية "جز العشب". فالعشب تحول إلى أشجار وغابات يصعب جزها، بعد أن سقاها نتنياهو وسموتريتش وبن غفير بمياه الإجرام والتنكيل.

ختاما.. ما يحدث في المعتقلات فتيل وصاعق فجّره واقع الأسرى المفرج عنهم، وشهاداتهم عن واقع معتقلي الضفة وقطاع غزة، وهي قوة دفع إضافية نحو إشعال جبهة الضفة الغربية، التي لم يعد أمامها خيار سوى المقاومة أمام هجمة الاستيطان والمستوطنين، وأمام الاستهداف لواقعهم الاقتصادي، الذي وإن غاب في تفاصيل المشهد ووحشية الاحتلال، إلا أنه بلغ من السوء والتردي مستوى يمهد لانفجار كبير، يطال تأثيره شرائح المجتمع الفلسطيني ومكوناته كافة، وصولا إلى أجهزة السلطة وعناصرها، التي تعاني من ذات الضغوط الاقتصادية والإنسانية والأمنية.

فالضفة الغربية واقعا وحقيقة على شفير الانفجار، أمر أكده الجنرال المستقيل يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، وصاحب نظرية "جز العشب". فالعشب تحول إلى أشجار وغابات يصعب جزها، بعد أن سقاها نتنياهو وسموتريتش وبن غفير بمياه الإجرام والتنكيل، مفقدين الحياة معناها ومغزاها، ومحاصرين الفلسطينيين الذين باتو أمام خيار واحد ووحيد، وهو المواجهة والاشتباك الشامل مع الاحتلال.

x.com/hma36
التعليقات (0)