صحافة دولية

تنديد بازدواجية المعايير.. "الدروع البشرية" بغزة تتحول لـ"منطقة مكتظة" في إسرائيل

يعد استخدام المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف منذ عام 1949- الأناضول
يعد استخدام المدنيين كدروع بشرية جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف منذ عام 1949- الأناضول
ندد الصحفي أحمد وحيدي في مقال نشر موقع "انترسبت"، بازدواجية معايير الإعلام الغربي في التعامل مع الأخبار التي تتعلق بدولة الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني".

وأشار في المقال، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن شبكة "سي إن إن" الأمريكية٬ ذكرت ليلة الثلاثاء أن "المدنيين الإسرائيليين في أجزاء من تل أبيب كانوا في مرمى نيران محتمل من هجوم صاروخي إيراني يستهدف مقر الموساد، وكالة الاستخبارات الإسرائيلية".

ووصفت الشبكة الموقع المركزي للموساد بأنه "منطقة مكتظة بالسكان" - منطقة مدنية يوجد فيها أحد الأصول الرئيسية للجيش الإسرائيلي.

وقال "كانت هناك عبارة غائبة بشكل واضح عن تغطية سي إن إن، وهو مصطلح نشأت وأنا أسمعه في غزة: الدروع البشرية. ولعقود من الزمان، نسبت إسرائيل العدد الهائل من القتلى المدنيين في غزة إلى حماس التي قررت أن تتواجد داخل البنية التحتية المدنية".

وفقا لهذه الرواية، فإن الأعداد الهائلة من الفلسطينيين الذين قتلوا برصاص وقنابل إسرائيل لم يكونوا ضحايا إسرائيل. ولكن بدلا من ذلك كانوا دروعا بشرية لحماس، حسب الصحفي.

وأضاف أنه "في واقع الأمر، لم تكن هذه الدروع البشرية هي التي استخدمتها حماس. وقد نشأت هذه التسمية بسبب قرب منازل الضحايا المدنيين وأماكن عملهم من مواقع عمليات حماس في "مناطق مكتظة بالسكان"، على حد تعبير شبكة سي إن إن".

وأكد التقرير، وفقا للمقال، أن المعايير المزدوجة التي تنتهجها وسائل الإعلام الغربية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وفلسطين ليست جديدة. والخطاب حول "الدروع البشرية" ــ أو الفشل في استخدام المصطلح ــ هو مثال على النفاق الذي بلغ أقصى درجاته. ففي وقت سابق من هذا العام، اشتكى العديد من موظفي شبكة سي إن إن من "التحيز المنهجي والمؤسسي داخل الشبكة تجاه إسرائيل".

اظهار أخبار متعلقة


وفي الأسبوع الماضي فقط، ذكرت شبكة سي إن إن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم حزب الله باستخدام المدنيين كدروع بشرية لسنوات. وفي الوقت نفسه، لم تصف شبكة سي إن إن إسرائيل بأنها تستخدم أيضا المدنيين كـ"دروع بشرية" حول مقر الموساد، حسب التقرير.

ولم يكن اختلاف اللغة بين الناس مفاجأة بالنسبة لي. فبصفتي صحفيا فلسطينيا من غزة، نشأت على هذه الروايات السامة: حيث يتم تصوير الفلسطينيين على أنهم إرهابيون يسمحون لحماس بالاختباء بينهم.

وشدد الصحفي، على أن الثمن الذي تسببت به هذه السردية يمكن أن يُحصَى في أرواح الفلسطينيين ـ ومؤخرا اللبنانيين٬ فقد سمح لإسرائيل بحرية التصرف في قتل المدنيين. ففي الإبادة الجماعية الحالية في غزة، قتلت إسرائيل أكثر من أربعين ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.

وتابع الكاتب٬ إنها حصيلة مألوفة بالنسبة لي: فقد قتلت والدتي، التي كانت تعمل في الأمم المتحدة، وأختي، التي كانت تعمل في العلاج الطبيعي، في الحرب. ولم تكن أي منهما درعا بشرية أكثر من سكان تل أبيب. لقد كانتا مدنيتين قتلتهما إسرائيل.

وأضاف "لكن المرة الأولى التي سمعت فيها تعبير "الدروع البشرية" لم تكن في إشارة إلى حماس. فما زلت أستطيع أن أتذكر، كان الجنود الإسرائيليون هم الذين استخدموا تكتيك استخدام البشر كدروع: البشر الفلسطينيون".

في عام 2014، أثناء الغزو البري الإسرائيلي لخزاعة، بالقرب من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ظهرت أنباء عن قيام القوات الإسرائيلية بمحاصرة عائلة فلسطينية في المنطقة وإجبار ابنها البالغ من العمر 16 عاما أحمد أبو رضا على الخروج من المنزل تحت تهديد السلاح.

اختطف أبو رضا واستخدمه جنود إسرائيليون كـ "درع بشري" لمدة خمسة أيام للبحث عن أنفاق مزعومة لحماس. بعد إطلاق سراحه، قال أبو رضا إن الجنود الإسرائيليين أساءوا معاملته أيضا نفسيا وجسديا.

وتابع الكاتب، "كنت طفلا في العاشرة من العمر في ذلك الوقت، وقد هزتني فكرة أنني أيضا قد أمر بالتجربة المروعة التي مر بها أبو رضا. مع مرور السنين، واصلت القوات الإسرائيلية نفس الأعمال اللاإنسانية، مع المزيد من الاضطهاد والإذلال في الضفة الغربية - بغطاء من تأطير وسائل الإعلام، واستسلام الحكومة الأمريكية".

ورغم أن استخدام الدروع البشرية بشكل غير طوعي كان جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف منذ عام 1949، فإن هذه الديناميكية ليست جديدة، وفقا للمقال.

فإن وسائل الإعلام الأميركية لديها تاريخ طويل في اتهام أعداء أميركا الإيديولوجيين باستخدام المدنيين كـ "دروع بشرية". ففي عام 1967، ورد أن وكالة أسوشيتد برس وصفت الفيت كونغ بأنهم "يستخدمون الأطفال كدروع بشرية". وسلط الرئيس جورج بوش الابن الضوء على استخدام صدام حسين للمدنيين كـ "دروع بشرية" لتبرير حربه على العراق.

اظهار أخبار متعلقة


والآن، بينما يعامل قادة إسرائيل وجيشها قطاع غزة بأكمله وسكانه كدروع بشرية ـ بما في ذلك كل مستشفى ومدرسة ومخيم للاجئين ـ فإن معنى عبارة "الدرع البشري" بموجب القانون الدولي قد انحرف إلى حد لا يمكن التعرف عليه، وفقا للمقال.

وذكر الكاتب أنه، بالنسبة للفلسطينيين، فإن المصطلح يتجاوز مجرد وصف أجسادنا على خطوط المواجهة الإسرائيلية؛ فهو يختزل وجودنا إلى وجود دون البشر، ويعامل حياتنا على أنها لا قيمة لها ـ كأشياء وأدوات حرب.

ولكن من الواضح أن شبكة سي إن إن لم تندِّد بشدة باستخدام إسرائيل للمدنيين كـ"دروع بشرية" عندما أشارت إلى موقع الموساد المكتظ بالمدنيين. وذلك لأن شبكة سي إن إن، مثلها مثل كل وسائل الإعلام الغربية تقريبا، ترى أن الإسرائيليين، على النقيض من الفلسطينيين، بشر، حسب المقال.
التعليقات (0)