ببلوغرافيا

الشاعر المناضل حنا إبراهيم.. قاوم الاستعمار والاحتلال من أجل الهوية الفلسطينية

انتسب شاعرنا إلى "عصبة التحرر الوطني"، وأسهم في العمل السري، قبل وقوع النكبة وبعدها، وتعرض للمضايقة والملاحقة من قبل الاحتلال، واعتُقل أكثر من مرة.
انتسب شاعرنا إلى "عصبة التحرر الوطني"، وأسهم في العمل السري، قبل وقوع النكبة وبعدها، وتعرض للمضايقة والملاحقة من قبل الاحتلال، واعتُقل أكثر من مرة.
أخذه النضال عن طريق الشعراء، وأخذته الأشغال الشاقة عن نعومة الأقلام، وأخذته معارك الحياة عن ترف الأمسيات الثقافية..

عاش القضية والفكرة، وعمل لها في المجموعات السرية، ناضل للحفاظ على الهوية الفلسطينية لمن بقي من شعبنا تحت الاحتلال.. وإن كنت لا أوافقه بالفكرة التي بنى عليها نضاله، إلا انه يُسجَّل له أنه حاول ووقف بوجه الاحتلال وسُجن عدة مرات بسبب هذا النضال.

لعل أشهر حالة مثّلته، هي عندما كان في خمسينيات القرن العشرين يعمل في المحاجر، وضيقت عليه السلطات الإسرائيلية سبل العيش، وأن السؤال عن الهوية الذي وجهه الضابط الإسرائيلي إليه أنتج قصيدة من أشهر قصائد القرن العشرين. حين حكى للشاعر محمود درويش ما جرى معه، فكتب درويش قصيدة "سجّل أنا عربي"..

من هو شاعرنا؟

إنه الأديب والشاعر والمناضل حنا إبراهيم إلياس، المولود في قرية البعنة الجليليَّة، عام 1927. يُعدّ من أوائل الشعراء والكتاب الفلسطينيين الذين عُرفوا بشعراء المقاومة تحت الاحتلال، والذين كتبوا الشعر الوطني السياسي بعد عام النكبة 1948 في الداخل المحتل، مدافعين عن الوجود الفلسطيني الذي عُرف آنذاك بالأقلية العربية، حتى لوحق وسُجن وأقفلوا أبواب الرزق والعمل، وفرضوا عليه الإقامة الجبريَّة مدّة طويلة.

بالمقابل، عانى من التعتيم في ظل سيطرة تيار واحد على الصحافة في ذلك الحين، ولم يأخذ حقهُ من الشهرة عربياً وعالمياً.

درس شاعرنا في قريته في مدرسة البعنة الابتدائية حتى الصف الرابع، وانتقل إلى مدرسة الرامة حيث أنهى الصف السابع، والتحق بمدرسة عكا الثانويّة بعد أن سكن والده في عكا ليعمل فيها، وكان الأول في كل الصفوف والمواضيع. ولم تسمح حالته المادية بإتمام دراسته الثانوية في القدس، فترك المدرسة والتحق بمدرسة البوليس الفلسطيني، التي ما لبث أن أصبح مدرّساً لمادة العقوبات فيها حتى سنة 1948.

في تلك الأثناء انتسب شاعرنا إلى "عصبة التحرر الوطني"، وأسهم في العمل السري، قبل وقوع النكبة وبعدها، وتعرض للمضايقة والملاحقة من قبل الاحتلال، واعتُقل أكثر من مرة.

وفي عام 1978 انتُخِب رئيساً لمجلس محلي قريته البعنة، ورفض الترشيح مرة ثانية رغم ترشيحه بالتزكية من سكان قريته.

في عام 1995 نال وسام القدس للثقافة والفنون والآداب.

وتوفي في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2020، إذ تمرّ هذه الأيام الذكرى الخامسة لوفاته، ودفن في قرية البعنة التي ولد فيها قبل 93 سنة من وفاته.

نشاطه الثقافي

كتب حنا إبراهيم الشعر الكلاسيكي وعبّر فيه أيضاً عن همومه وأحزانه وأحلام الفلسطيني المنكوب، وكتب أيضاً القصة القصيرة، وعمل على رواية طويلة تعبّر عن الواقع الفلسطيني منذ بداية الانتداب حتى وقت كتابتها.

سافر عام 1967 إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الفلسفة، فأتقن الروسية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، وترجم عدة قصص من الأدب الروسي. في عام 1969 عُيّن مديراً لمطبعة الاتحاد ومن ثم محرراً في صحيفة الاتحاد.

في عام 1980 تأسست مؤسسة الأسوار الوطنية في عكا وانتخبته بالإجماع رئيساً فخرياً متطوعاً لها، ومسؤولاً ثقافياً فيها ومحرراً في مجلتها "الاسوار"، وبقي في هذا الموقع حتى عام 2000 حين استقال لظروف صحية.

تُرجمت بعض قصصه إلى عدة لغات منها: العبرية والروسية والإنجليزية، تناول الكثيرون من طلاب معاهد التعليم العالي (الكليات والجامعات) أدبه ضمن دراساتهم الأكاديمية.

له أعمال شعرية ونثرية متنوعة تتناول موضوعات وجدانية وسياسية ووطنية فلسطينية وتقدم صوراً عن حياة الفلسطينيين في الريف،، ونشر معظمها في مجلة الجديد التي كان واحداً من مؤسسيها.

مؤلفاته

ـ صوت من الشاغور، شعر، 1981.
ـ نشيد للناس، شعر، 1992.
ـ صرخة في واد، شعر، 2007.
ـ أزهار برية، قصص، 1972.
ـ ريحة الوطن، قصص، 1979.
ـ الغربة في الوطن، قصص، 1980.
ـ أزهار برية، مجلد لمجموعاته القصصية، 2000.
ـ أوجاع البلاد المقدسة، رواية، 1997.
ـ موسى الفلسطيني، رواية، 1998.
ـ عصفورة من المغرب، رواية.
ـ ذكريات شاب لم يتغرب، سيرة ذاتية، 1996.
ـ شجرة المعرفة، سيرة ذاتية، 1996.

نماذج من شعره

إلى أخي خلف الخط الأحمر
قلبي عليك بقدر ما قلبي معك
فاحسب حسابي حين تحصي أضلعك
لا ذنب لي إن كنت ضلعاً قاصراً
نزعوه منك ولا يزال يقول لك
قدرٌ علينا أن تعيش مكافحاً
فيما أظل مصابراً
***

فإذا انتهى أمري فأنقذ موقعك
واليوم جئت عليك أعرض نجدتي
ما في يدي حجر ولا في جعبتي
إلا قصائد أشتهي أن تنفعك
أوليست الأعمال بالنيات أم
رهن لعمرك بالمكان وبالزمان
ها أنت ذا بيد تقوّم منكراً
وأنا أحاول باللسان
ويظل كل الشعر عندي
لا يوازي إصبعك

***

قالوا لنا ... نفس الرجال قليلة
يحيي الرجال أصك هذا مسمعك؟
أتحسّ حين يعربد الرشاش إذ
تغشى العيون من الدخان
وحين ترتطم الحجارة بالدروع
وإذ يشد القيد معصمك المحطم
أن أنفاسي تدفّئ أضلعك

***

ماذا بوسعي أن أقول
 كان ضيعني صغيراً
مَنْ كبيراً ضيعك؟
أأقول بارك لاعِنيك؟
أحب شارون المليك
وغازياً أودى بإبلِك
ثم شتماً أوسعك؟!
قد قلت لو بعث المسيح
لما أحال الماء خمراً بل حجر
ولبارك الأطفال حَرّضهم
على المحتل، حمّلهم حجر
وأهاب حتى بالخطاة
ليرجموه بالحجر

*كاتب وشاعر فلسطيني
التعليقات (0)