سياسة دولية

"إيكونوميست": هل ستختار إيران القنبلة النووية أم قنبلة الحب؟

إيران قوة هائلة وواصلت الاقتراب من العتبة النووية- جيتي
إيران قوة هائلة وواصلت الاقتراب من العتبة النووية- جيتي
نشرت صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرا، جاء فيه: "في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، ألقى المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، خطابًا، لمناقشة الضربات الجوية الإسرائيلية على المنشآت العسكرية الإيرانية في اليوم السابق. كان ذلك لحظة حاسمة".

وأوضح التقرير نفسه، أنه: "لم يسبق أن قصف الكيان اليهودي الجمهورية الإسلامية علنا، رغم النزاع الخفيّ الذي دام عقودًا"، مضيفا: "مع ذلك، جاءت كلمات خامنئي باهتة. فقد تعهّد بأن الإسرائيليين سيفهمون قوة إيران، تاركا للآخرين تحديد ما يعنيه ذلك؛ وقال: لم يكن ذلك دعوةً للتهدئة، لكنه لم يكن إعلانا للحرب أيضا".

وأبرزت الصحيفة أنه "لم يعد هذا التردد ممكنا"، موضحة: "كانت الضربات الجوية الإسرائيلية في 26 أكتوبر، والتي جاءت ردا على الهجوم الإيراني الصاروخي في 1 أكتوبر، أكثر من مجرد رد عسكري".

"كانت السياسة السابقة لإيران تهدف إلى تجنّب الاختيار بين الأيديولوجية والواقعية، وهو خيار يواجه جميع الأنظمة الأيديولوجية عاجلا أو آجلا. على الرغم من أن إيران لم تكن في سلام مع جيرانها، إلا أنها لم تكن في حالة حرب كاملة معهم" بحسب الصحيفة البريطانية.

وتابعت: "كان شعار "الموت لأمريكا" ركنا أساسيا من أيديولوجيتها، حتى عندما كانت تسعى للتقرب منها يائسة من تخفيف العقوبات الاقتصادية. لم تستطع تحديد ما إذا كان برنامجها النووي طريقا للقنبلة أم ورقة تفاوض".

اظهار أخبار متعلقة


وأضافت: "كان خامنئي، يرى الغرب متدهورا ويصرّ على أن إيران يجب أن تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي. لكن إيران التي جاء لقيادتها في عام 1989 كانت قد خرجت لتوها من حرب قاسية استمرت ثماني سنوات مع العراق، وكان الاقتصاد مفلسا".

وأشارت إلى أن "تعيين خامنئي كان خيارا مثيرا للجدل لمنصب المرشد الأعلى؛ فلم يكن قد وصل بعد إلى رتبة آية الله، وتم تعديل الدستور ليتمكن من تولي الوظيفة"، مردفة: "خفّف خامنئي أيديولوجيته ببعض الواقعية. احتاج الاقتصاد إلى إعادة البناء، لذا سمح لأكبر هاشمي رفسنجاني، الذي شغل منصب الرئيس من عام 1989 إلى 1997، بالسعي لتحسين العلاقات مع الدول العربية والغرب. لكن تلك التحركات لم تكن دائمة".

"بالنسبة لخامنئي، كان التنازل خطوة تكتيكية؛ لأن المسار قد يتعرّج ويتقاطع، لكن الوجهة ظلت نفسها" بحسب التقرير نفسه، الذي أضاف: "استمرت العداوة تجاه أمريكا وإسرائيل كعنصر ثابت. يرى خامنئي أن الأولى عدو دائم، ويعتقد أن الثانية يجب أن تُدمّر، بل إنه يعتقد أنها ستدمر (يزعم أن إسرائيل لن تصمد بعد عام 2040)".

وأبرز: "أنفقت إيران عقودا في تسليح الجماعات العربية، مثل حزب الله في لبنان، لتكون خط الدفاع الأمامي لإيران وأيضا طليعة لمعركة مستقبلية مع إسرائيل. لكنه كان يدرك أن المعركة تقع في المستقبل البعيد؛ فقد تحدّث عن "الصبر الاستراتيجي"، معركة متعددة الأجيال لتحقيق أهدافه".

واسترسل: "بعد سقوط صدام حسين، بنت إيران جماعات قوية في العراق. كما فعلت الشيء نفسه في سوريا بعد الربيع العربي عام 2011، وعمّقت علاقاتها مع حزب الله والحوثيين. وبدأ الضباط في الحرس الثوري، يتحدثون عن جسر بري يربط طهران بالبحر الأبيض المتوسط".

ومضى بالقول: "في الوقت نفسه، كان باراك أوباما حريصا على التفاوض بخصوص صفقة نووية مع إيران. حتى دونالد ترامب، رغم عدائه لإيران، تجنّب التصعيد في عدة حالات. ومع ذلك، في يناير 2020، تم اغتيال قاسم سليماني، أبرز قادة الحرس الثوري الإيراني، في عملية أمريكية واحدة".

وزعم: "بالنسبة لخامنئي، ربما بدا ذلك تصديقا على استراتيجيته. لقد أراد تحقيق أهدافه الأيديولوجية دون أن يتورط في حرب. سمحت له الفوضى الإقليمية والأعداء المترددون بالقيام بذلك؛ بنت إيران قوة وكيلة هائلة وواصلت الاقتراب من العتبة النووية دون أن تتعرض للهجوم".

اظهار أخبار متعلقة


واستطرد: "إلى أن جاء 7 أكتوبر. عندما شنّت حماس هجوما على إسرائيل، أظهروا العيب في استخدام الوكلاء للدفاع الأمامي. لا شكّ أن خامنئي أيّد فكرة الحرب الحاسمة ضد إسرائيل، ولكن ليس في هذا التوقيت".

وأكد: "في السنوات الأخيرة، سعت إيران للحصول على طائرات مقاتلة من طراز سو-35 ونظام الدفاع الجوي إس-400 من روسيا، ما يمنحها بعض القدرة على حماية مجالها الجوي من التوغل الإسرائيلي".
"تحتاج إيران بضعة أيام فقط لتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة (رغم أنها ستحتاج وقتًا أطول لتجهيز رأس حربي وتركيبه على صاروخ). لكن السعي للحصول على القنبلة سيفتح الباب لمزيد من الهجمات من إسرائيل، وربما من أمريكا" بحسب التقرير ذاته.

واسترسل: "تقوم هذه الخيارات على افتراض أن إيران سوف تواصل عداءها تجاه أمريكا وإسرائيل، لكنها تمتلك خيارًا آخر: انتهاج سياسة خارجية أقل أيديولوجية". مبرزا: "من الصعب تخيّل خامنئي يتحدث عن تخفيف التوترات، لأنه سيكون بذلك قد تراجع عن إرث حياته".
التعليقات (0)