اقتصاد دولي

بلومبيرغ: تحولات صندوق الثروة السعودي تؤثر على "رؤية 2030"

أبرز التحديات انخفاض أسعار النفط - جيتي
أبرز التحديات انخفاض أسعار النفط - جيتي
برزت مؤخرا تحولات ملحوظة في استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع التركيز على خططه لتقليص ميزانيات بعض المشاريع المحلية بحلول عام 2025. ضمن جهود تعزيز الاستدامة المالية في مواجهة التحديات الاقتصادية، أبرزها انخفاض أسعار النفط وتأثيرها على الميزانية العامة.

ونشر موقع "بلومبيرغ" تقريرًا يسلط الضوء على التحولات في استراتيجية صندوق الاستثمارات ضمن جهود المملكة لمعالجة التحديات المالية.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن خفض ميزانيات بعض المشاريع المحلية يعكس تغير أولويات المملكة في خطة تبلغ قيمتها تريليون دولار لإصلاح الاقتصاد، حيث طلب صندوق الاستثمارات العامة من بعض شركات المحافظ الاستثمارية خفض ميزانياتها المقترحة للسنة المقبلة بنسبة تصل إلى 20 بالمئة، وقال أشخاص مطلعون إن الصندوق يراجع أيضًا ميزانيات المشاريع التي لم يتم الإعلان عنها بعد.

اظهار أخبار متعلقة



ومن المقرر أن يتم تقديم خطط الإنفاق لسنة 2025 إلى مجلس إدارة الصندوق خلال الشهر المقبل؛ حيث يُتوقع أن يتم اتخاذ القرارات النهائية بشأن إجمالي نفقات وميزانيات المشاريع، وقال الأشخاص المطلعون إن بعض مشاريع صندوق الاستثمارات العامة تتطلع إلى الحصول على تمويل خارجي لتعويض أي تخفيضات في الميزانية.

وقال صندوق الاستثمارات العامة في بيان له إن "تمويل جميع المشاريع التي تم الإعلان عنها سابقًا سيستمر، ولم يتم تأجيل أي مشروع. إن توظيف رأس المال آخذ في الازدياد، ومع نضوج شركات صندوق الاستثمارات العامة ومشاريعه، سيكون لديها مجموعة متزايدة من خيارات التمويل المتاحة، بما في ذلك الاستثمار الخاص وأسواق رأس المال".

وأفاد الموقع بأن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يترأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هو الكيان الرئيسي المكلف بقيادة مبادرة رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر دخل البلاد بعيدًا عن النفط، وتمثل التخفيضات المحتملة في بعض المشاريع تحولًا مستمرًا في أولويات المملكة، التي تعاني بسبب انخفاض أسعار النفط في وقت يعد فيه الاستثمار الأجنبي المباشر بطيئًا في بعض القطاعات.

وقد أصبحت حاجة صندوق الثروة إلى إعادة تقييم خطط الإنفاق أمرًا ضروريًا، خاصة بعد أن فازت المملكة بحقوق استضافة سلسلة من الفعاليات العالمية، بما في ذلك كأس آسيا لسنة 2027، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية لسنة 2029، كما أن السعودية هي المتنافس الوحيد على استضافة كأس العالم لكرة القدم لسنة 2034، وصندوق الاستثمارات العامة يقود الكثير من عمليات التطوير لاستضافة هذه الفعاليات.

وستتطلب هذه البطولات الكبرى إنشاءات واسعة النطاق، مما يؤكد على الحاجة إلى إعادة النظر في وتيرة وحجم بعض المشاريع؛ وقال وزير المالية محمد الجدعان، وهو أيضًا عضو مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، إن بعض عمليات إعادة التقويم تتم أيضًا لتجنب التضخم المفرط في الاقتصاد.

وقال يوم الثلاثاء إن الاقتصاد السعودي وصل إلى مرحلة لا تؤثر فيها تقلبات سوق النفط عليه كما كان يحدث في السابق، مؤكدًا أنه لا يوجد مشروع واحد في إطار رؤية 2030 لا يحظى بالتمويل المناسب.

اظهار أخبار متعلقة



غير أن أي قرار من صندوق الاستثمارات العامة بتعديل الإنفاق أو إبطاء وتيرة بعض المشاريع يمكن أن يكون له عواقب على الشركات المعنية؛ فقد اضطر مقاول أجنبي واحد على الأقل إلى تسريح عدد كبير من العمال في مشروع نيوم هذه السنة مع تقليص بعض الطموحات.

وأشار الموقع إلى أنه من المتوقع أن تسجل السعودية عجزًا في الميزانية حتى سنة 2027 على الأقل، ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن سعر برميل النفط الخام يجب أن يصل إلى  سعر 98.40 دولارًا لتحقق المملكة التوازن بين الإيرادات الحكومية والإنفاق، بينما تقدر وكالة بلومبيرغ إيكونوميكس سعر التعادل عند 106 دولارات للبرميل بعد أخذ الإنفاق المحلي من قبل صندوق الاستثمارات العامة في الاعتبار. ويجري تداول خام برنت عند حوالي 73 دولارا في الوقت الذي تقوم فيه السعودية بتقييد الإنتاج كجزء من اتفاقها مع أوبك+.

ولمعالجة هذه الفجوات، جمعت المملكة وصندوق الاستثمارات العامة المليارات من مبيعات الديون، وقد أدى ذلك إلى زيادة نسبة ديون المملكة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي تتوقع وكالة موديز أن تصل إلى 35 بالمئة بحلول 2030، وهي نسبة لا تزال أقل بكثير من العديد من الدول.

وقالت وكالة موديز في تقرير لها هذا الشهر إنها تتوقع أن يظل الإنفاق الرأسمالي والاستثمارات المحلية من قبل صندوق الاستثمارات العامة مرتفعًا نسبيًا خلال السنوات القادمة، على الرغم من أن الحكومة شرعت في عملية ترشيد مالي أدت إلى إعادة تقويم وإعادة ترتيب أولويات المشاريع".

وقد قامت وكالة التصنيف الائتماني مؤخرًا برفع تصنيف المملكة للمرة الأولى منذ تقييمها الأولي في سنة 2016، مدفوعة بالتقدم المستمر في التنوع الاقتصادي وتحسن النظرة المستقبلية للقطاع غير النفطي، ومن المتوقع أن يسجل هذا القطاع من الاقتصاد نموًا سنويًا يتراوح بين 4 و5 بالمئة وفقًا لتقديرات الحكومة والمحللين.

ونقل الموقع عن أشخاص مطلعين أن المشاريع التي تشمل المدينة الطينية التاريخية في الدرعية ومركز الترفيه في القدية لا تزال على رأس الأولويات، بينما يواجه مشروع المربع الجديد تخفيضات محتملة، وقد ذكرت وكالة بلومبيرغ نيوز أن مشروع نيوم، وهو المشروع الأبرز في إطار خطة ولي العهد، قد تم بالفعل خفض ميزانيته بنحو 20 بالمئة هذه السنة.

وقال صندوق النقد الدولي في حزيران/يونيو إن "إعادة تقويم الإنفاق للحد من مخاطر التضخم والحفاظ على الاستدامة المالية والخارجية" أمر مرحب به، لكنه حث على مزيد من الشفافية بشأن التأثيرات المترتبة على ذلك. 


التعليقات (0)