ملفات وتقارير

"أحلام على وسادة".. مشروع لعبة فلسطينية توثق "التغريبة" وقصص جباليا المنسية

من المتوقع إصدار اللعبة نهاية 2026 حال تمكن الفريق المطور من جمع التمويل اللازم- عربي21
من المتوقع إصدار اللعبة نهاية 2026 حال تمكن الفريق المطور من جمع التمويل اللازم- عربي21
أرادت امرأة فلسطينية النجاة بنفسها وابنها أثناء أحداث النكبة في عام 1948 بالتقاط رضيعها على عجالة من مهده والهرب به إلى مدينة غزة، لتكتشف بعدها أن ما بين أيديها ما هو إلا وسادة بيضاء تخصه، وهو ما وثقه مسلسل "التغريبة الفلسطينية" ومخرجه الراحل حاتم علي.

ورغم أن القصة الحقيقية لا يمكن التأكد من صحتها تماما، إلا أن قصصا أخرى مشابهة حدثت وتحدث على أرض الواقع.

وخلال حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ 14 شهرا، جرى تداول مقطع لسيدة فلسطينية نازحة من منطقة جباليا وهي تعاني من حالة صدمة وتحمل وسادة أيضا بعدما فقدت جميع أبنائها تحت ركام منزلها وأحدهم كان رضيعا.


"أحلام على وسادة"
من هذه القصة التي ربما كانت بهدف العمل الدرامي وأصبحت حقيقة، أعلن مطوّر الألعاب الفلسطيني رشيد أبو عيدة، عن تشكيل فريق يضم مجموعة من المطورين، وبدء حملة تمويل جماعي لدعم تطوير لعبته الجديدة التي تحمل اسم "أحلام على وسادة".

وقال أبو عيدة لـ"عربي21" إن اللعبة هي "شبه ثلاثية الأبعاد تعتمد على الحكاية الشعبية الفلسطينية عن أم فلسطينية فرت من مجزرة بلدتها مع طفلها الرضيع، ولكن بعد ساعة من الهروب في حالة من الذعر، أدركت أنها حملت وسادة بدلا من طفلها، وتستوحي اللعبة قصتها من هذه الحكاية المؤلمة لتروي حياة "أُمّ"، مع تسليط الضوء على تاريخ فلسطين قبل التطهير العرقي، والأثر النفسي العميق للعنف الذي تعرض له الشعب الفلسطيني خلال النكبة".


وأكد أبو عيدة أن سبب اختيار قصة السيدة والوسادة يأتي لأن "علاقة الأم بطفلها هي أقوى وأعمق العلاقات الإنسانية، لدرجة يصعب على العقل تصور موقف قد تُخطئ فيه أم أو تغفل عن رضيعها، لذلك، إذا أردنا تخيل مشهد كهذا، فإننا نستنتج أن الأحداث التي عاشها الفلسطينيون خلال النكبة، وما صاحبها من مجازر وترهيب وتهجير، كانت من القسوة بحيث تتجاوز قدرة البشر على الاحتمال".

التوجه إلى التمويل
يعد هذا المشروع تكملة لعبة أخرى طورها أبو عيدة حملت اسم "ليلى وظلال الحرب"، وتناولت أحداث تصاعد العدوان ضد قطاع غزة عام 2014، إلا أنه بحاجة إلى جمع 194,800 دولار أمريكي من أجل البدء في مرحلة تطورها الأولية.

Image1_12025616144952128993.jpg

وأكد أبو عيدة أن عدد المشاركين في الحملة حتى الآن "تجاوز 2600 شخص بواقع 176 ألف دولار حتى الآن، وأعتقد أن الناس شعرت بأهمية هذا المشروع، وهذا سبب كافٍ يدفعنا لإنجاز هذا المشروع بغض النظر عن العقبات". 

وكشف أنه توجه إلى حملة التمويل في ظل رفض ناشري الألعاب التقليديين دعم المشروع بسبب ما أحدثته تجربة لعبة "ليلى" من صدى واسع من التعاطف العالمي وكون طبيعة أعماله في هذا المجال تواجه السردية المقابلة بصورة غير مألوفة وتعمل على إعادة الوعي بعدالة قضية الشعب الفلسطيني.


ولجأ رشيد إلى التمويل الجماعي كملاذ أخير، من خلال حملة التمويل على منصة "لانش جود - LaunchGood"، وهي منصة تم تأسيسها خصيصا لدعم القصص الملهمة، بعيدًا عن التحيزات التي تواجهها قصص وأصوات المبدعين الفلسطينيين عبر المنصات الأخرى.

"الشعلة الأولية"
كشف أبو عيدة أن الإطلاق الأولي للعبة سيكون على أجهزة الحاسوب، وبعد ذلك أجهزة "الكونسول" (مشغل ألعاب الفيديو مثل منصة بلاي ستيشن وغيرها) والأجهزة المحمولة المختلفة.

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح أن تكلفة إنتاج هذه اللعبة تُقدّر بـ490 ألف دولار، والمبلغ الذي يسعى للوصول إليه في هذه المرحلة يهدف إلى توفير الشعلة الأولية التي تغطي 40 بالمئة فقط من التكلفة الكلية للمشروع، علما أن ميزانيات الألعاب العالمية في الكثير من الفئات تتجاوز عشرات ومئات الملايين من الدولارات.

Image1_120256154937320540932.jpgImage1_12025615501604508997.jpg

وأكد أن "هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الألعاب الكبيرة تتفوق دائمًا في المضمون أو أسلوب اللعب على الألعاب المستقلة، التي غالبًا ما تُصمّم بميزانيات أقل وتعتمد بشكل كبير على تجارب شخصية عميقة قد لا تتطرق إليها الألعاب الضخمة".

وبيّن أن "صناعة الألعاب من أصعب الصناعات الإبداعية؛ فجميع الشركات العالمية تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، نظرًا لأنه يجمع بين التقنية والفن ورواية القصص وتقديم تجربة لعب ممتعة، وهذه الصناعة ليست فقط مكلفة ماديا، بل تتطلب أيضًا الكثير من الوقت والتجربة والخطأ للوصول إلى ما يُقنع الجمهور".

وأشار إلى أنه نتيجة ذلك "لا يُتوقع من الشركات العربية تحقيق نجاحات سريعة في هذا المجال، ولكن الأهم هو أن تحظى هذه الشركات بالدعم الكافي للاستمرار في المحاولة والتطوير حتى تصل إلى نتائج مُشرفة ناجحة".


Image1_120256155220836903645.jpg

وأضاف: "نحن حاليًا في مرحلة ما قبل الإنتاج، والهدف الحالي من الحملة هو توفير الفرصة للبدء في مرحلة الإنتاج، خلال الأشهر القادمة سنطلق حملات إضافية بهدف الوصول إلى المبلغ الكامل إن شاء الله، ونتوقع إطلاق اللعبة في نهاية عام 2026".

"قصة ليلى"
قال أبو عيدة إن الفريق الحالي مكون من مجموعة كبيرة من المتخصصين في جميع المجالات التي تشمل تصميم الألعاب والبرمجة والرسم ثلاثي وثنائي الأبعاد وتصميم الشخصيات والتحريك، بالإضافة إلى إدارة المشروع والتسويق، في المرحلة القادمة، سنقوم بتوظيف العديد من المختصين في مجالات مختلفة لدعم المشروع وتعزيز قدرات الفريق".

وعن قصة لعبة "ليلى وظلال الحرب" أكد أبو عيدة أنها "كانت تجربة مميزة، والنجاح الذي حققته كان سببًا كافيًا للاستمرار في هذا المجال، ليلى حصدت العديد من الجوائز العالمية في مجال صناعة الألعاب، وتم تحميلها ما يقارب 2 مليون مرة على مختلف المنصات".



وكشف أن متجر "آب ستور" الخاص بالشركة الأمريكية العملاقة "آبل" رفض اللعبة في البداية، وهذا كان "دليلا كافيا على ازدواجية المعايير ومحاولة إخفاء الحقيقة".

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح أنه "من اللافت أن لعبة ليلى عرضت لعدة سنوات في متاحف عالمية في بريطانيا والسويد وإسبانيا، وقام العديد من الأكاديميين بالكتابة عنها في دراساتهم الأكاديمية كدليل على قوة تأثير الألعاب، وقد نجحت "ليلى" في إيصال رسالة عميقة للعالم، حيث سمحت للاعبين بتجربة الواقع الذي يعيشه الفلسطيني، مما ساهم في تنمية التعاطف ودعم القضية الفلسطينية".
التعليقات (0)