ما حقيقة تراجع تصنيف جيش مصر عالميا وخسارته 10 درجات في 4 أعوام؟
القاهرة- عربي2113-Jan-2502:55 PM
0
شارك
رغم التسليح الذي يحظى به الجيش المصري إلا أنه تراجع في المؤشرات العالمية- جيتي
دفع تراجع ترتيب الجيشالمصري في قائمة تصنيف (غلوبال فاير بور) للعام
2025 لأقوى الجيوش بالعالم، 4 درجات دفعة واحدة في عام واحد للتساؤل حول حقيقة تلك
التصنيفات ومدى الوثوق بها، وأسباب تراجع ترتيب أقوى جيش عربي فيها 10 درجات في
تراجع دراماتيكي منذ العام 2020.
وفقا للتصنيف الأحدث للموقع الأمريكي
المتخصص في تصنيف الجيوش وتقييم القوة العسكرية للدول سجل جيش مصر المركز (19)
عالميا، من إجمالي 145 دولة شملهم التصنيف، متراجعا عن المركز (15) الذي سجله
العام الماضي.
وتأخر الجيش المصري في الترتيب عن 3 جيوش في
إقليم الشرق الأوسط وهي: تركيا (9) عالميا، والاحتلال الإسرائيلي (15)، وإيران (16)، وجيشان
لدولتين مسلمتين هما باكستان (12)، وإندونيسيا (13) عالميا.
ويشير مؤشر القوة العسكرية العالمية بحلول
الجيش المصري بالمرتبة الـ19 عالميا بمؤشر قوة "0.3427" إلى أنه من
بين أقوى 20 قوة عسكرية عالمية، لكنه يشير أيضا إلى تراجعه وفقا لذات التصنيف 10
مراتب خلال 4 سنوات، حيث كان أفضل تصنيف مسجل له في عام 2020، واحتل به حينها
الترتيب (9) على مستوى العالم.
الموقع الأمريكي الذي يعتمد في تصنيفه على
نحو 50 عاملا منها تنوع الأسلحة، وعدد القوات، والموقع الجغرافي، والقوة المالية،
لتحديد أقوى جيش بالعالم، أشار لضخامة حجم الجيش المصري وقدراته المتنوعة من قوات
وأسلحة برية وبحرية وجوية، ملمحا إلى توقيع القاهرة اتفاقيات دفاع مشترك وتنامي
دورها في مجال التدريب والتسليح.
"الأول
عربيا" ومع تراجع التصنيف الدولي للجيش المصري بين
جيوش العالم إلا أنه وبحسب (غلوبال فاير بور)، أيضا يظل متصدرا لقائمة الدول
العربية من حيث القوة العسكرية، في مركز لم يتراجع عنه منذ سنوات.
وحل الجيش السعودي بالمرتبة (24) عالميا
والثاني عربيا، بينما جاءت الإمارات بالمركز (54) عالميا والخامس عربيا بعد مصر
والسعودية والجزائر (26) والعراق (43)، كما حلت قطر بترتيب متدن (72) عالميا.
وسجل الجيش السوري الذي انهار أمام قوات
المعارضة السورية في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، المرتبة (64) دوليا، فيما حل
جيش السودان الذي يخوض حربا ضد ميليشا "الدعم السريع" منذ نيسان/ أبريل
2023، بالمرتبة (73) عالميا.
"بين دول
الإقليم" وفق التصنيف الجديد؛ فإن الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حرب إبادة دموية بحق 2.3 مليون فلسطيني في قطاع
غزة وقتل نحو 47 ألف أعزل، احتل جيشه المرتبة (15) عالميا ليصعد درجتين عن
ترتيبه السابق (17) عالميا، وذلك برغم ما وجهته له المقاومة الفلسطينية واليمنية
واللبنانية من ضربات موجعة.
في حين يحتل جيش إيران الذي تعرض العام
الماضي لضربات عسكرية إسرائيلية ووجه ضربات جوية لجيش الاحتلال، المكانة الـ16 بين
جيوش العالم العام الجاري، متراجعا درجتين أيضا من الترتيب (14) عالميا العام
الماضي.
وبينما حل الجيش التركي في التصنيف قبل كل
من إسرائيل وإيران ومصر مسجلا المرتبة (9) عالميا إلا أنه يمثل ترتيبا متراجعا من
المرتبة (8) العام الماضي.
وبحسب التصنيف تحل إثيوبيا في المركز (52)
عالميا، متأخرة بذلك عن ترتيب الجيش المصري بـ33 درجة، ما يشير لتفوق عسكري كبير
لدولة مصب النيل عن دولة منبع النيل الأزرق، والتي يجمعهما خلاف ممتد منذ 14 عاما
حول بناء سد مائي عملاق على المنبع الموسمي لنهر النيل.
ويسبق الجيش المصري نظيره الأوكراني الذي حل
بالمرتبة (20) عالميا ويخوض مواجهات عسكرية مع روسيا منذ شباط/ فبراير 2022، بدرجة
واحدة.
2024
Military Strength Ranking
"من 2010
وحتى 2025" في العام 2010، احتل
الجيش المصري الترتيب (17) على مستوى العالم، ليرتفع درجة واحدة إلى المركز (16)
في عام ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، ليواصل رحلة الصعود مسجلا المركز (14) في ظل حكم
المجلس العسكري عام 2012.
ثم صعد في الترتيب للمركز (13) عالميا في
عامي 2013، و2014، اللذين شهد أولهما الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد
مرسي، وثانيهما تولي رئيس النظام عبدالفتاح السيسي حكم البلاد.
لكن في العام 2015 خسر الجيش المصري 5
درجات من سلم ترتيبه العالمي مسجلا المرتبة (18)، ليعود ليسجل المرتبة (12) عالميا
في 2016 لأول مرة، ليقفز للأمام درجتين محققا الترتيب العاشر عام 2017، ثم يعود
لترتيبه السابق الـ(12) في عامي 2018، و2019.
ليشهد العام 2020، الترتيب الأفضل على
الإطلاق للجيش المصري مسجلا وفقا للتصنيف الأمريكي المرتبة (9) عالميا متقدما على
تركيا وإيران والاحتلال الإسرائيلي ودول أوروبية حينها، ليتراجع 4 درجات دفعة واحدة في 2021
إلى المرتبة الـ(13)، ليحقق في العام 2022 الترتيب الـ(12)، ثم يتراجع للمركز
(14) و(15)، في 2023 و2024، ثم (19) في 2025.
وكان تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث
السلام "سيبري" الصادر في آذار/ مارس 2022، قد أكد أن مصر ضمن الدول
العشر الأولى في العالم الأكثر استيرادا للأسلحة، خلال الفترة ما بين (2017-
2021)، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالميا بعد الهند والسعودية.
لكن تقرير "سيبري" الصادر في
نيسان/ أبريل 2024، خلا من اسم مصر كإحدى دول العالم والأقطار العربية والأفريقية
من حيث زيادة الإنفاق العسكري، ما يشير لتراجع الإنفاق العسكري المصري وعمليات
شراء السلاح في البلاد.
وإلى جانب عمليات شراء واسعة قامت بها مصر
في السنوات العشر الماضية، تؤكد على توجهها نحو التصنيع العسكري، والذي كان آخر
إنتاجها منه المدرعة "سيناء 200" أحدث مدرعة ناقلة للجند ومحصنة ضد
الـ"آر بي جي"، من إنتاج الجيش المصري.
"تحريض
إسرائيلي" وفي ظل احتلال الكيان الإسرائيلي لمحور صلاح
الدين معبر رفح البري بين مصر وغزة، منذ آيار/ مايو الماضي، يواصل الإعلام
الإسرائيلي التحريض ضد مصر والهجوم على حضور الجيش المصري بسيناء وتسليحه، بشكل
يثير علامات الاستفهام.
والاثنين، قال موقع "nziv" الإخباري الإسرائيلي، عن بدء استلام الجيش المصري الدفعة
الأولى من مقاتلات رافال الحديثة، إن مصر تعمل على تطوير "ذراع الضربة بعيدة
المدى" التي أنشأتها كجزء من الدروس المستفادة بعد حرب أكتوبر 1973 عندما
أدركت أنها لم تستطع ضرب حتى هدف مدني واحد في عمق الأراضي الإسرائيلية أثناء الحرب".
وقبل أيام، قال ذات الموقع الإخباري
الإسرائيلي، إن مصر هي أكبر مشتر ومالك للطائرات بدون طيار في أفريقيا، حيث تمتلك 267 طائرة بدون طيار، مؤكدا أنها أحد أهم الأسلحة الخطيرة لدى الجيش المصري.
والخميس قال موقع "jdn" الإخباري الإسرائيلي، إن النشاط العسكري المصري في سيناء
مدعاة للقلق.
وكشفت دراسة بحثية إسرائيلية عن حالة رعب
داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية بسبب حصول مصر على غواصات ألمانية متطورة
وفرقاطات وسفن مضادة للطائرات خلال السنوات القليلة الماضية.
واتهم سفير إسرائيل السابق في القاهرة دافيد
جبرين مصر بمخالفة اتفاقية السلام من خلال تعزيز قواتها في شبه جزيرة سيناء، محذرا
من عواقب ذلك.
"غير
موثوقة" وحول حقيقة تلك التصنيفات ومدى الوثوق بها،
وأسباب تراجع جيش مصر فيها 10 درجات منذ العام 2020، أوضح خبير عسكري مصري، (فضل
عدم ذكر اسمه) أن "تلك التصنيفات لا يمكن الوثوق بها بشكل كامل، وهي في
الأساس تخدم صانع السلاح الأمريكي، وتمثل ضغطا على الشعوب الفقيرة وأنظمتها وتدفع
بهم إلى سباق الشراء لتحسين وضع ترتيب جيوشهم".
"قياسات
أمريكية.. والعالم يطيع" وقال الخبير العسكري وضابط الجيش المصري
السابق، العميد عادل الشريف، إن "الترتيب يعتمد أولا على عدد أفراد القوات
المسلحة للدولة، وعدد الطائرات وتصنيفاتها وعدد الطيارين المدربين، ثم عدد
الدبابات والمدفعيات وتجهيزات الدفاعات الجوية".
وبين في حديثه، لـ"عربي21"، أنه
"مؤخرا أضحت الطائرات المسيرة وقدرة إنتاج الدول لها وتصنيعها محليا أحد
عناصر قياس ترتيب الجيوش".
وأشار إلى أن "غير المعلن في تلك
التصنيفات هو مدى امتلاك الجيوش للبرامج النووية"، مؤكدا أن "ذلك قياس
خفي؛ ولذلك لا يعلنون ترتيبا متقدما لجيش كوريا الشمالية، فالأمريكيون يرتبون بحسب
قياساتهم والعالم يسمع ويطيع".
"لا تعبر
عن الواقع" وفي تعليقه، قال الخبير العسكري المصري
وضابط الجيش السابق الدكتور عمرو عادل: "يعتمد تصنيف الجيوش على عدة عوامل؛
أهمها السلاح، والعقيدة القتالية، والنظم التدريبية، ووجود التحصينات الدفاعية،
وإذا كانت تمتلك قواعد عسكرية خارج حدودها، وكذلك الاستعداد القتالي، والموقع
الجغرافي".
رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري
أكد في حديثه لـ"عربي21"، أنه "لذلك الأمر لا يتعلق فقط بحجم وقوة
السلاح"، ملمحا إلى أن "المؤسسات في تصنيفها للجيوش تعتمد على المعلومات
المتاحة والمنشورة، وكذلك على الأداء الفعلي للجيوش في حالة اشتباكها أو دخولها في
حرب".
وأوضح أن "مصر تمتلك كميات هائلة من
السلاح؛ وربما تعد من أكثر الدول امتلاكا للمدفعية ذاتية الحركة (المرتبة الخامسة
عالميا) والدبابات (المرتبة السادسة عالميا)".
وذهب للحديث عن جانب آخر "بعيدا عن
التصنيفات الإحصائية"، قائلا: "لا بد أن نتفق أن الهدف الأساسي للجيوش
لأي دولة هو الحفاظ على أمن شعوبها من التهديدات والمخاطر الخارجية؛ وسنجد بكل أسف
أن الجيش المصري منذ ما يقرب من 5 عقود منذ (كامب ديفيد) اللعينة لم يعد يقوم بذلك".
ويرى أننا "أمام تهديد وجودي من الشرق
من العدو الوجودي الكيان الصهيوني، وتهديد وجودي آخر من أقصى الجنوب في منابع
النيل، وتهديد وجودي آخر في الغرب الليبي، والجنوب السوداني".
وأضاف: "ومع ذلك لم نجد كل هذه الأسلحة
المتراكمة التي دفع الشعب ثمنها من رفاهيته بل وأحيانا من قوت يومه تفعل شيئا غير
المشاركة في الكرنفالات الاحتفالية والألوان والأعلام وكأنها تحتفل بعيد الهالوين".
وتابع: "ربما تتفق مع هذه الحالة
المزرية المقولة الشهيرة: (إذا لم تمتلك عقيدة عسكرية راسخة، لن تصبح أفضل جيش في
العالم، حتى إذا امتلكت أضخم الجيوش، وأفضل التقنيات العسكرية، على الإطلاق)، وقد
أزيد إذا لم يمتلك جيش ما عقيدة عسكرية فربما التوصيف الأكثر اتساقا أنه أصبح
ميليشيا السلطة ويصبح خطرا وعبئا على الجميع".
وخلص للتأكيد على أنه "لذلك يمكن
الاستعانة بالتصنيفات التي تصدرها هذه المؤسسات من باب الاسترشاد ولكنها في
الحقيقة لا تعبر عن الواقع".
وأضاف: "ورأينا كيف انهار الجيش
الأمريكي بالعراق وأفغانستان، وكيف دمر رجال (7 أكتوبر) فرقة كاملة من الجيش
الإسرائيلي في ساعات، ورأينا الجيش الصهيوني يقوم فقط بالمذابح الانتقامية ضد شعب
بأكمله ولا زال يعاني في معارك الالتحام المباشر، وأخيرا رأينا كيف انهار الجيش
السوري في أيام معدودة".
وختم قائلا: "العبرة كما أكد المفكرون
الكبار بوجود عقيدة عسكرية وقدرة على التخطيط واستخدام أمثل لقوة النيران ومعرفة
عميقة بالعدو".