رصد وملاحقة جنود الاحتلال قضائيا في
دول العالم، وآخرها السويد والبرازيل وتشيلي وغيرها، يمثل أزمة عميقة جدا تؤرق كل
مستويات الكيان، ويتم النظر إليها في الأوساط الصهيونية على أنها تهديد متصاعد
وكراهية متنامية، وهي مطاردة حتمية ستفرض حصارا على كل المجتمع الصهيوني كون أن
جميع أبنائه خضعوا للتجنيد الإجباري، أي أن كل
إسرائيلي هو إما جندي نظام أو
احتياط.
يبلغ عدد الجنود النظاميين في جيش
الاحتلال والبحرية والقوات شبه العسكرية نحو 170 ألفا، ويضاف إليهم 465 ألفا من
الاحتياط، وهذه الأرقام تعني أن القوة الأساسية لجيش الكيان، دون كثير من دول
العالم، يعتمد بالأساس على قوات الاحتياط، التي تكون عادة في حالة تأهب للدخول في
الحرب عند استدعائها في أقصر فترة ممكنة، ويتم استدعاء الاحتياط مرّة في السنة
لأغراض التدريب والبقاء على الجاهزية القتالية.
وفي حرب الإبادة الجماعية الجارية
على قطاع
غزة، استدعت حكومة العدو، وفق مصادر عبرية، 360 ألفا من قوات الاحتياط
للمشاركة في الحرب، إلى جانب الجيش النظامي، ولم يكن هذا العدد من الجنود يحتاج
إلى تعبئة جديدة من القيادة العسكرية والسياسية، فهو جزء من الجمهور الذي جاء
بحكومة اليمين الأكثر تطرفا بتاريخ الكيان، ودخل الحرب معبأ بأفكار اليمين
الصهيوني وعقائده القائمة على القتل والتطهير والتعذيب.
الجنسية الإسرائيلية أصبحت وثيقة
إدانة. هذه هي العزلة والصدام مع الإرادة الدولية التي ضرب بها الطوفان استقرار
الكيان والأمن الشخصي لأفراده، الذين سيضطرون للاختباء خلف جنسيات أخرى، ولن ينخدع
أحرار العالم بعد اليوم بأفلام السامية ومعاداتها، فحكومة نتنياهو جعلت الكيان طبقا
جديرا بالالتهام.
العالم اليوم يُحاكم نموذج دافيد بن غوريون واضع نظرية أمن الكيان، الذي وجد أن نموذج "جيش الشعب" أو "الشعب المسلح" هو الأكثر مناسبة للكيان، وبعد أكثر من 7 عقود يجد هذا الشعب نفسه مطلوبا للعدالة، ومطالبا بدفع ثمن جرائم الجيش الذي يخدم فيه
بتعبير آخر، فإن أكبر محاكمة في
التاريخ ستعقد لأفراد دولة بأكملها بدءا من رئيس الوزراء ووزير الحرب السابق
المطلوبين للمحكمة
الجنائية الدولية حتى أصغر جندي في الكيان، في ظل أن أدلة
الجريمة تطالهم جميعا وتثبت اشتراكهم في الإبادة الجماعية.
العالم اليوم يُحاكم نموذج دافيد بن
غوريون واضع نظرية أمن الكيان، الذي وجد أن نموذج "جيش الشعب" أو
"الشعب المسلح" هو الأكثر مناسبة للكيان، وبعد أكثر من 7 عقود يجد هذا
الشعب نفسه مطلوبا للعدالة، ومطالبا بدفع ثمن جرائم الجيش الذي يخدم فيه، وجرائم
الحكومة "التي أصبح الشعب يعمل لخدمتها، وليست هي في خدمته"، بتعبير
كاتب إسرائيلي.
جيش الشعب اليوم كله في دائرة الخوف
من الملاحقة، والكثير من العواصم ستغلق في وجهه، وسيجد نفسه يتحرك في حقل ألغام،
والوضع قد يصبح مع الأيام أكبر من قدرة وزارات الكيان على ملاحقة الملاحقات. وقد
أقامت وزارة الخارجية في تل أبيب لأجل ذلك غرفة طوارئ للعمل بسرية، في حين أسست
النيابة العسكرية الإسرائيلية وحدة خاصة للاستشارة القانونية. ويدور الحديث عن
مئات الشكاوى بدأت ترد تباعا إلى الكيان، ما سيجعل حرية حركة الصهاينة مقيدة وأكثر
تعقيدا.
صفارات إنذار الكيان أصبحت تُسمع في
دول العالم وعواصمه للتحذير من كمائن قضائية لجنود الجيش وضباطه. يجب أن تبقى
حلقات الخوف قائمة وتتسع، وألا تهدأ إنذارات الخارجية الإسرائيلية، فالملاحقة،
بتعبير الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنياع، تبدأ صغيرة وتكبر، ثم تصبح تسونامي.
وهذا الأمر سيظل مرتبطا بمدى قدرتنا
على الانتباه لأهمية هذه الجبهة وانعكاسها على الأمن الشخصي لجمهور الكيان، وأيضا
مدى توفر إرادة فلسطينية للذهاب نحو تشكيل وقيادة أكبر جبهة قانونية وحقوقية، أو
لنقل أكبر فريق محامين حول العالم، لمحاكمة شعب دولة مطلوب للعدالة.
x.com/ahmedelkomi1