العقل والخرافة (2)

هكذا بالعلم والعقل والتخطيط يأتى النصر ..أما التنجيم فعبث لا أثر له ..تلك كانت نهاية الجزء الأول الذى أنصحك بقرائته لو كنت مهتماً، ومن ذا الذى لا يهتم بميزته الإلهية عن بقية مخلوقاته ..العقل.. الذى هو ببساطة أو الذى يجب أن يكون: التخطيط ..التخطيط المدروس والذى يقوم على وجود أولاً: أهداف ومقاصد واضحة وثانياً : تصور حقيقى للواقع الذى نعيشه ..ثم إستخدام الواقع وأدواته لتحقيق الاهداف والخطط الموضوعة.

تبنى الحضارات وتقوى الأوطان بصحوة العقل فى مواجهة الخرافات ...والخرافات بمنتهى البساطة هى ربط المسببات والنتائج بغير أسبابها كالذى يربط المرض بالأرواح الشريرة مثلا..وصحوة العقل تكون بربط النتائج بأسبابها الحقيقية.

هل تعلم أن تعريف الخرافة هو نفسه تعريف الجنون وهو أن تفعل نفس الشىء مراراً وتكرارا دون تغيير وتنتظر نتيجة مختلفة ..وقد تضيع الشهور والسنوات فى تكرار الفعل مع توقع نتائج مختلفة ..كالذى ظل يذهب لعملة بنفس الطريق ويتأخر كل يوم لمدة عام مثلاً ولم يفكر فى تغيير الطريق لعل الطريق الجديد يوصله مبكراً.. قد تتسائل لماذا لم يجرب طريق أخر بعد اسبوع أو شهر مثلا .. ما رأيك لو قمت بإسقاط هذا المثال وتطبيقة على ما يحدث فى واقعنا السياسى فى هذه الأيام ،مثلا فى الجانب الأمنى والإستخدام المستمر والغبى للقمع والبطش بعصا الأمن ..هلى ترى نتائج مختلفة ؟ أين العقل من كل ذلك ؟ لماذا لم نجرب اسلوب الحوار والفكر ؟ اعتقد ان الأمر قد تعدى مرحلة الجنون ..نحن الأن فى مرحلة الإصرار على الجنون.

من أجل ذلك يكون حكم العقل هو المخرج الوحيد من دائرة الظلام المفرغة هذه ، ولذلك يوضح الإمام الشيخ محمد عبده أن العقائد الإسلامية تستند إلى منطق العقل ويقول أن الإسلام يقاضينا إلى العقل ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى سلطته ،ويقول "إذا تعارض العقل وظاهر الشرع ،أخذنا بما دل عليه العقل" إنتهى

 إذ هل يعقل أن الحسد يحدث بمجرد نظرة من الحاسد للمحسود ؟ بالطبع لا ..فالنظرة وحدها لا تصيب شيئاً... وبالإحتكام  للعقل تجد أن الحسد هو فعل من الحاسد (قد تكون انت الحاسد فتضر نفسك) ليغير من حالتك ليضرك ويهدمك من حيث لا تدرى ومن حيث لم تتخذ الإحتياطات اللازمة للحفاظ على نفسك.. كالذى تسرق أمواله وتضيع ويبرر ذلك بأن ماله منظور من الحاسدين ؟ ولماذا لم تضع أموالك فى بنك أو فى مكان أمن للحفاظ عليها من السرقة ، 

وغير ذلك من الأحداث والمواقف التى تحدث فى حياتنا اليومية ونرد نتائجها إلى غير أسبابها الحقيقية والتى لم ولن تتضح إلا بالإستناد إلى العقل فى التفكير والتعليل.

بالعقل والفكر والوعى .. تبنى الأوطان وتسمو وترقى الأمم