كتاب عربي 21

القضية 250.. وقضايا أخرى أهم!

عبد الرحمن يوسف
1300x600
1300x600
تحيرني أساليب أجهزة التخابر العربية ... "بلدي" جدا ! 

تأليف الروايات، وتلفيق الأحداث، واختراع البطولات الوهمية ... يذكرك بصديقك الكاذب في المدرسة الابتدائية الذي يقسم لك أنه يستطيع الطيران، ويحدثك عن "عزبة بابا" و "عزبة ماما".

أسلوب الأجهزة الأمنية يثبت لك أنه لا أمل في أي إصلاح لهذه المؤسسات، ولا فائدة من أي أفكار أو خطط تتعلق بإعادة هيكلتها أو تدريبها، إنها كيانات لا يمكن أن تتغير فضلا عن أن تتطور ناهيك عن أن تلتزم بالقانون. 

الأساليب "البلدي" العقيمة تلك ... لا تدين سوى أصحابها، ولا تُجَرِّمُ سوى الأجهزة التي أطلقتها، ولا يمكن أن يصدقها أي إنسان شبه عاقل في عصر السموات المفتوحة ... هراء في هراء (بالهاء لا الخاء) ! 

كل شهر يظهر لنا "متقاعد" ما، في "جهاز" ما، ليطلق علينا هراءه، ويظل يهدد ويزبد ويرعد متحدثا عن الوهم المتعلق بما يسمى بالقضية 250 أمن دولة.

القضية خلاصتها أن الدولة نفسها عبارة عن "تكية"، وأن الأجهزة الأمنية الجهنمية قد تعرضت لأكبر خداع في تاريخها، وأخذت "علقة" لا مثيل لها.

المتحدثون عن تلك المؤامرة يسُبُّون أنفسهم، ويشتمون دولتهم، ويصفونها بأنها دولة "مهلهلة"، وهو وصف كافٍ جدا لكي يتحرك الوطنيون لإنقاذ هذه الدولة بثورة عظيمة، ولا مبرر لاعتبار هذه الثورة خيانة طالما كانت الدولة "مهلهلة" حسب تعبير قادتها اللوذعيين !

المفروض أن المتهم الأول في القضية سيكون الدكتور محمد البرادعي، وهذا دليل آخر على أن أجهزة الأمن ليست أكثر من مجموعة من المغفلين، فقد وضعوا الخائن الأكبر في هذه القضية في موقع نائب رئيس الجمهورية، والأغرب أن ذلك قد تم في أثناء الثورة التصحيحية (اكتم ضحكتك) !!!

هؤلاء الأذكياء ... خلعوا خائنا من الحكم "مرسي" ... ووضعوا خائنا آخر ... هو البرادعي !

هل يمكن أن نسأل ما الذي يضمن لنا ألا يكون هناك بعض الخونة الآن بينهم؟

غالبية المتهمين في القضية "المزعومة" من التيار المدني الذي أيد الثورة المزعومة في الثلاثين من يونيو.

كثير من هؤلاء ما زالوا جزءا من نظام الانقلاب العسكري الذي يزعم أنه شرعي وثوري وديمقراطي ... إلخ. 

المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير على سبيل المثال لا الحصر (وهي أهم كيان مهد لثورة يناير)، ما زال عضوا فاعلا في نظام الانقلاب، فالسيد الدكتور عبدالجليل مصطفى أصبح اسمه مقترنا باسم السيد عبدالفتاح "سيسي" ذاته، ولله في خلقه شؤون. 

السيد محمد أبو الغار متهم أساسي في هذه القضية ! 

السيد حسن نافعة المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير !

السيد عبدالحليم قنديل منسق ما تبقى من حركة كفاية !

وغيرهم كثير ممن ما زالوا جزءا من نظام الانقلاب الذي يقوده "سيسي".

هناك أيضا مئات الناشطين (من سائر التيارات) وأغلبهم من غير الإسلاميين، الذين لولاهم ما أصبح السيد "سيسي" رئيسا، ولا تمكن حثالة الأرض من دخول ميدان التحرير وهم يمثلون أنهم ثوار أحرار ... كل هؤلاء سيتم الزج بهم في السجون بتهم مثل (الخيانة العظمى، والتجسس، والعمالة للخارج، والتمويل، وإسقاط الدولة، واقتحام مباني أمن الدولة ...إلخ).

كاتب هذه السطور متهم أساسي في هذه القضية بصفته مؤسس الحملة الشعبية لدعم البرادعي، وأول من شغل موقع المنسق العام لتلك الحملة التي وجدت في مصر كلها، من خلال آلاف الناشطين الذين جمعوا التوقيعات على بيان التغيير، ومن خلال مشاركتهم بعد ذلك في أحداث ثورة يناير المجيدة، ويبدو أن عشرات أو مئات الناشطين من هؤلاء الذين عملوا في الحملة سيكونون ضمن المتهمين. 

إن محاولة إدانة المتهمين ظلماً وبهتاناً في هذه القضايا الملفقة بهذه الطريقة "البلدي"، لن يؤدي سوى إلى فتح باب محاسبة من يحاول إدانتهم، وسيفرض بالضرورة فتح ملفات قضايا حقيقية أهم كثيراً من القضية 250 "المزعومة". 

بإمكانك أن تسمع أو تقرأ مزاعم كل من تحدثوا عن هذه القضية، من متقاعدين أو مخبرين في هيئة إعلاميين، وستجد خلال كلامهم قضايا كثيرة ينبغي أن يتم التحقيق فيها، من هذه القضايا على سبيل المثال لا الحصر: 

* قضية خيانة عظمى لجميع قادة القوات المسلحة لسماحهم بتولية رئيس جمهورية غير شرعي، ولسماحهم لعميل أمريكي بحكم مصر بتوجيه أمريكي مباشر. 

* قضية خيانة عظمى لسائر المسؤولين في الدولة المصرية بعد 30 يونيو بسبب استمرار العلاقات الدبلوماسية والشراكة الاستراتيجية وتلقي المعونات العسكرية وغير العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية برغم تآمرها على مصر، وتخابرها ضدنا، وتخطيطها لإنشاء قواعد عسكرية على الأراضي المصرية، وتعيين عميل لها في موقع رئيس الجمهورية. 

* قضية خيانة عظمى لسائر المسؤولين في الدولة المصرية بعد 30 يونيو بسبب استمرار العلاقات الدبلوماسية مع إيران، برغم تآمر الحرس الثوري الإيراني ضد مصر، وتخابره ضدنا، وتعيين عميل لها في موقع رئيس الجمهورية، كل ذلك حدث وما زال ممثل العلاقات المصرية الإيرانية في القاهرة. 

*قضية خيانة عظمى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لأنه حاول إقناع الرئيس "العميل" مرسي بعمل انتخابات رئاسية مبكرة قبل الثلاثين من يونيو، وبالتالي كان من الوارد أن يستمر العميل رئيسا للبلاد، وهم يعلمون أنه عميل أمريكي !!! 

* قضية دخول آلاف القناصة عبر الأنفاق من غزة إلى سيناء، ووصولهم إلى أسطح العمارات في مختلف ميادين مصر لقتل المواطنين والثوار، وتدمير المنشآت، وإحراق السجون وأقسام الشرطة في أثناء أحداث الثورة منذ يوم الخامس والعشرين من يناير 2011 وحتى يوم 11 فبراير من العام ذاته، ومن الممكن أن نعطيها اسما دراميا (قضية اقتحام الحدود) !

والمتهم الأول في هذه القضية هو اللواء عبدالفتاح "سيسي" رئيس جهاز المخابرات العسكرية في تلك الفترة.

* قضية تزوير انتخابات البرلمان عام 2010

* قضية تفجير كنيسة القديسين في 1 يناير 2011

* قضية مقتل السيد بلال تحت التعذيب في 2011

* قضية مقتل اللواء البطران في يناير 2011

* قضية تزور الانتخابات الرئاسية في عام 2012، والمتهم فيها سائر من أشرف أو تدخل أو أعلن أو رضي بإعلان النتيجة المزورة، من السلطات العسكرية أو القضائية أو المخابراتية والأمنية !
لقد مللنا من كثرة الأبطال الذين يزعمون أنهم عرفوا بأن السيد "شفيق" هو الفائز، ثم سكتوا حينها، ويتحدثون الآن ... لا بد من محاسبتهم على سكوتهم، لأن سكوتهم خيانة ... وليس بطولة كما يزعمون.

والكثير من القضايا التي لا بد أن تأخذ مأخذ الجد بعد أن أشعل فتيلها أشخاص على سبيل العبث ! 

تعليقي الشخصي على القضية 250 "المزعومة" باختصار ينقسم إلى شقين، الشق الأول موجه للسادة المخبرين والمتقاعدين : أنا فخور بكل ما فعلته منذ بدأت مسيرتي السياسية السلمية المعارضة للمخلوع مبارك ابتداء من عام 2003، مرورا بانضمامي لحركة كفاية، وأعتز بكوني شاعر حركة كفاية، ثم بمشاركتي في تأسيس العديد من الحركات التي قاومت نظام المخلوع مبارك، وأعتز بتأسيسي مع مجموعة من أشرف شباب مصر للحملة الشعبية لدعم البرادعي، وبشغلي موقع المنسق العام لتلك الحملة عاما كاملا، وبمشاركتي في ثورة يناير العظمى، ووجودي في الميدان منذ يومها الأول وحتى خلع مبارك، وأفخر كل الفخر بأن شرفني البعض بلقب شاعر ثورة يناير، وأعتز بكل قصيدة أو كلمة كتبتها طوال هذا العمر الممتد، وأسأل الله أن يتقبل ذلك مني، ولو عاد بي الزمن ألف ألف مرة فسوف أقف ضد مبارك، وسأدعو الناس للتغيير السياسي السلمي، وسوف أنشر أفكاري كما فعلت تماما ! 

أما الشق الثاني : فهو كلمة لملايين المصريين الشرفاء الذين شاركوا في أعظم حدث في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، ثورة يناير ... آن لكم أن تتحدوا، وأن تتناسوا خلافاتكم الصغيرة، وأن تعرفوا عدوكم الصفيق، وتأكدوا أن هذا العدو لو استطاع أن يحاسب ملايين الثوار واحدا واحدا ... فلن يتأخر، وهو في ذلك لا يفرق بين إخواني وليبرالي، ولا بين رجل وامرأة، ولا بين صغير وكبير ... آن لنا ألا نفرق بين ثائر وثائر ... فالمعركة واضحة ... إنها الجولة الفاصلة بين الثورة والثورة المضادة ... فاتحدوا أو موتوا كأحقر ما يموت المهزومون !

ختام كلامي : أقول للسادة الذين يديرون الدولة العميقة ومن خلفهم أنتم، لا تستطيعون أن توجهوا لنا هذه التهم، ولا أن تحركوا هذه القضية ضدنا، لأنكم تعلمون عواقب ذلك.

وإذا افترضنا أن غروركم أوصلكم لدرجة تحريك هذه القضية بالفعل، فأنا شخصيا مستعد لدفع ثمن كل كلمة كتبتها، وكل فعل قمت به في سبيل الحرية، وسوف نستفيد من غبائكم في جمع الصف، وفي توحيد الثوار، فهيا ... أسرعوا بتقديمنا للمحاكمة، وأسرعوا بدق آخر المسامير في نعشكم ! 

التهديد والتلويح بالقضية 250 لا يخيف أحدا، وتأكدوا أن هناك قضايا أخرى تستحق أن تحال إلى لجنة تحقيق محايدة، وسوف تجد هذه القضايا من يحقق فيها، ومن ينصف ضحاياها قريبا بإذن الله.

أيها المتقاعدون: ابحثوا عن عمل آخر ... وتعلموا طرقا أخرى في تهديد وتخويف الناس ... طرقا غير تلك الطرق "البلدي" المضحكة ... الدنيا تغيرت !

عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..


موقع إلكتروني: www.arahman.net
بريد إلكتروني: arahman@arahman.net
التعليقات (9)
إيمان الامة
الأحد، 21-06-2015 11:40 ص
لأفوض فوك راجل ابن عالمنا وشيخنا الفاضل مدافع عن الحق والاحرار ثبتكم الله ونصركم
نسرين عبد الحافظ
الأحد، 21-06-2015 03:36 ص
كلام بسيط اكثر من رائع
Mohamed Hamasa
السبت، 20-06-2015 10:20 م
يارب نرجع نتحد من تانى ياااااااارب
عمرو أحمد
السبت، 20-06-2015 06:25 م
أعجبني مقال لك قد كتبته منذ فترة بعنوان " حوار بين حمارين " لللأسف هناك من يبدد الجهد في جدالات بيزنطية تستنزفنا جميعاً ولا تؤدي إلى أي ثمار بل تؤجج الصراع - المقنع على الهوية - وتزيد الفجوة في الصف الواحد, ان لم يتحد لن ننتصر , ولنتناسى خلافاتنا حتى نتخلص من لصوص القوت و قتلة الشعوب وكهنة نظامهم. دمتم بخير
عماد الوحش
السبت، 20-06-2015 05:45 م
كنت مثل كثير من المصريين ينظر إلى جهاز المخابرات بشقيه نظرة اكبار واحترام واعتزاز إلى أن ساقني القدر إلى لقاء نظمته ادارة البعثات للمبتعثين إلى دول شتى ووفقاً لما أعدته ادارة البعثات هناك محاضر يعمل مستشاراً برئاسة الجمهورية وآخر يعمل بجهاز المخابرات. وعندما صعد رجل المخابرات إلى المنصة كنت أرمقه لإعنزازي بهذا الجهاز وبدا الرجل في نهاية العقد الرابع من عمره وفجأة رأيته وكأنه أصابه مس من الجن ونظره يحدق بأحد المبتعثين ويلتفت بسرعة بعد أن فقد هيبته ووقاره إلى المنسق كنت أجلس في الصف الأول وتصرفه غير المتزن وغير المبرر جعلني أنظر إلى هذا المبتعث الذي دخل للتو إلى القاعة وقد سبقه وتلاه غيره كثير ولم يصدر من المبتعث شيئا فلماذا ركز على هذا المبتعث أتعلمون لماذا ياساده لقد كان هذا المبتعث يرتدي الزي الذي يرتديه نواز شريف وبرويز مشرف وقادة الهند وباكستان (بنطلون وشئ يشبه بالطو)، لا اتذكر أن سيادة الضابط قال بعدها كلاماً مفيدا. لم يعبأ بأن هذا المبتعث من المتفوقين البارزين الذين اختارتهم ادارة البعثات ليسافر ليكمل دراسته بل كان الزي الذي يرتديه محل ازعاج لحضرة الضابط. لم أكن أعلم قبل هذا اليوم أن للزي ديناً أو أنه معيار للتقويم وللحكم على الانسان أو يكون سبباً في أن يجعل حضرة الضابط يزبد ويرعد بصوت خفي طبعاً لموظف ادارة البعثات. لقد صدمت بهذا المستوى من التفكير في رجل بدا مظهره مغاير لسلوكه