مقالات مختارة

اللجان الشعبية

1300x600

طلب الرئيس التونسي من وزارة الاتصالات أن تبدأ بإعداد منصة للحوار الوطني الشامل مع الشعب التونسي، خاصة الشباب، معلنا بذلك انحيازه إلى فكرة الحوار المباشر مع الشعب عبر لجان شعبية تنقل بعدها مخرجات هذا الحوار إلى القيادة السياسية لكي تتخذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة.


وأثار هذا التوجه اعتراضات كثير من القوى السياسية والنقابية، وعلى رأسها الاتحاد التونسي للشغل، الذي دعم إجراءات الرئيس الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو الماضي، ولايزال حتى اللحظة داعما لها، ويرفض العودة إلى «المنظومة السابقة على هذا التاريخ»، وخاصة البرلمان.

والمعروف أن الاتحاد التونسي للشغل هو القوة الضاربة والمنظمة القادرة على مواجهة حركة النهضة، التي تتمتع برصيد شعبي وتاريخ نضالي كبير، كما أنها أيدت الرئيس ودعمته في كل إجراءاته السابقة، بما فيها دعمه للحكومة الجديدة برئاسة الأستاذة الجامعية نجلاء بودن.

والحقيقة أن أي عملية تغيير تكتفي فقط برفض المنظومة القديمة، يكون مصيرها إما الفشل أو التعثر أو البقاء محلك سر، فكثير من تجارب التغيير العربية تعثرت أو فشلت لأسباب لها علاقة بالعجز عن بناء منظومة جديدة، واكتفت فقط برفض القديم، في حين أنه بدون القدرة على بناء نظام جديد أفضل، لن تكون خطوة رفض المنظومة القديمة دليل نجاح.

ولذا؛ يحتاج الرئيس التونسي أن يبني على إجراءاته الاستثنائية التي رفضت المنظومة القديمة بناء ومسارا جديدا قابلا للنجاح، والابتعاد عن أفكار رفض الديمقراطية التمثيلية لصالح نمط مثالي من الديمقراطية الشعبية المباشرة، وحديث يفكرنا بنظريات القذافي عن اللجان الشعبية، وهي أفكار بعيدة تماما عن السياق التونسي، وتُضعفه وسط مؤيديه من نقابات وأحزاب سياسية.

أن يعلن رئيس الاتحاد التونسي للشغل، أمس الأول، أنه «لن يقدم صكّا على بياض لأي من كان، ولن يشارك في حوار يتم عبر لجان شعبية»، فهي رسالة قوية للرئيس بأنه لا يمكن اختزال الحوار في تواصل مباشر مع الشعب عبر منصات التواصل الاجتماعي وتجاهل كل المنظمات الوسيطة من حزبية ونقابية، خاصة تلك القوى التي دعمت إجراءاته، والتي لديها موقف مناقض لحركة النهضة، التي يؤكد غالبية التوانسة أنها هي التي أقصت نفسها.

مشاركة أطياف الشعب المختلفة، خاصة الشباب، في حوار وطني مباشر، هي أحد جوانب الصورة، ومشاركة الأحزاب والنقابات هي الجانب الثاني الأكثر أهمية وتأثيرا؛ لأن هؤلاء ممثلون عن قطاعات حقيقية من الشعب.

مخرجات الحوار تكاد تكون معروفة، وهي تعديل نظام الانتخابات البرلمانية والدستور والذهاب نحو نظام رئاسي ديمقراطي، وإن طاقة تونس المدنية والديمقراطية والنقابية ودور المرأة قادرة على أن تقضي على المخاوف المشروعة من تحوُّل النظم الرئاسية إلى استبدادية، وذلك بجعل بقاء الرئيس في سدة الرئاسة مدتين غير قابلتين للتمديد، بمشاركة أطياف الشعب وممثلين عنه، أما الحوار الذي يتجاهل المنظمات الوسيطة، فلن يُكتب له النجاح.

 

نقلا عن (المصري اليوم)

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع