اقتصاد عربي

"أسواق السيسي" تفشل في خفض الأسعار قبيل رمضان.. ما أسباب ذلك؟

ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء بنسب تصل إلى 200 بالمئة مقارنة بأسعار العام الماضي- عربي21
دشنت الحكومة المصرية العديد من المعارض والأسواق ضمن مبادرات تستهدف توفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة مع احتدام الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم لخانة العشرات، إلى جانب تشديد الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار.

رغم تلك الجهود التي تقودها الحكومة المصرية بالتعاون مع جهات حكومية وخاصة، فإن الأسعار تأبى الانخفاض وترتفع بشكل درامي، ما يثير التساؤلات حول جدوى الأسواق التي وفرت بعض السلع الغذائية الاستراتيجية، وما إذا كانت هي حلول جذرية لأزمة الغلاء أم مجرد مسكنات لاحتواء غضب الأغلبية الفقيرة.

لحوم تشادية ودجاج برازيلي وسمك روسي
ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء بنسب تصل إلى 200 بالمئة مقارنة بأسعار العام الماضي، ولجأت الحكومة المصرية إلى استيراد الدجاج البرازيلي بأسعار أقل من الدجاج المحلي بعد أزمة نقص الأعلاف التي قضت على نسبة ليست بالقليلة من صناعة الدواجن المحلية.

وقبل أيام، قررت الحكومة المصرية السماح، لأول مرة، باستيراد لحوم من دولة تشاد لصالح إحدى الأحزاب السياسية بالبرلمان الموالية للنظام (حزب حماة الوطن) للضخ في الأسواق المصرية بعد الارتفاع الجنوني في الأسعار.

وأصدرت الحكومة المصرية تصاريح لعشرات الشركات الروسية لتوريد منتجات أسماك للسوق المحلية المصرية بسعر تنافسي، وروجت وسائل الإعلام المحلية لتلك المنتجات لتشجيع المواطنين على شرائها من أجل خفض الأسعار وسد الاحتياجات الغذائية من البروتين.



معارض وشوادر
مطلع الشهر الجاري، أعلنت وزارة التموين عن تدشين معارض "أهلا رمضان" بعد الاتفاق مع الغرف التجارية واتحاد الصناعات والمنتجين ‏وأصحاب السلاسل التجارية والتجار والشركة القابضة للصناعات ‏الغذائية، على البيع بالمعارض بسعر التكلفة.

وصل عدد المعارض إلى ‏‎أكثر من 550‎‏ معرضا وشادرا، بالإضافة إلى المجمعات الاستهلاكية وركن بكل سلسلة تجارية‎‏ والمنافذ المتنقلة، والتي تشهد زحاما شديدا وتكالبا على السلع الأساسية قبيل شهر رمضان الكريم.

وتحت عنوان محاربة الغلاء وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، فقد افتتحت وزارة الزراعة والتموين معرض المنتجات والسلع الغذائية، بحديقة الأورمان بالعاصمة المصرية القاهرة، تحت شعار "من خير مزارعنا لأهالينا".

وصرح وزير الزراعة المصري بأن "المعرض يتضمن كل السلع الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطنون، وكذلك مستلزمات شهر رمضان المبارك بنسبة تخفيض لا تقل عن 25% ومشاركة 45 عارضاً، على رأسها الجهات الإنتاجية التابعة للوزارة، بمنتجاتها من مزارعها المختلفة".

لكن مثل هذه الأسواق، ليست دائمة، وقال المتحدث باسم وزارة التموين، إن "معارض أهلاً رمضان ستستمر حتى نهاية شهر إبريل القادم، مشيرا إلى "أن زيادة عدد الشوادر يساهم فى زيادة المعروض من السلع الغذائية".


سلع محدودة وآثار ضعيفة
قال مستهلكون وتجار لـ"عربي21" إن فكرة الأسواق والشوادر جيدة، ولكنها لا توفر السلع الأساسية إلا بكميات محدودة ولفترة مؤقتة، ولا تشمل باقي المواد الضرورية، وتفتقر أحيانا للجودة، مشيرين إلى أن الكميات المطروحة ليست هي كل الاحتياجات الضرورية.

بشأن أسعار بعض السلع، قال موظف في القطاع الخاص بإحدى معارض أهلا رمضان بمحافظة الجيزة، لـ"عربي21": "ذهبت إلى إحدى المعارض والتي توفر في ركن منها كرتونة بها كيلو واحد من الأرز و2 كيلو سكر وزجاجة زيت خليط بسعر 90 جنيها بدلا من نحو 130 جنيها (الدولار يساوي 31 جنيها)، أي أقل من السوق 30 بالمئة ولكن مصاريف الانتقال للمعرض كلفتني هذا الفرق، ولا يسمح بشراء أكثر من حقيبة أو شنطة واحدة".

واشتكى من وجود "ازدحام شديد وفوضى في بعض الأماكن ما يجعل الأمر مرهقا وغير مجد في بعض الأحيان ومكلفا لبعض المواطنين الذين لا يعيشون إلى جوار تلك المعارض، كما أنها تقتصر على تلك الأنواع فقط، وباقي السلع تباع بأسعار عادية ولا تختلف عن الأسعار في المحلات والسلاسل التجارية، لذلك لا يمكن الاعتماد عليها".

بدوره، استبعد جمال محمد، تاجر تجزئة في إحدى السلاسل التجارية الكبيرة بمحافظة الجيزة، أن تؤثر تلك المعارض والشوادر والجمعيات الاستهلاكية على الأسعار وتؤدي إلى خفضها؛ لأنها كميات محدودة ومؤقته، والكثير من المواطنين لاتتاح لهم فرصة الذهاب والشراء، والبعض الآخر لا يفضل الدخول في معركة التنافس على حقيبة والوقوف في طوابير".

أرقام مقلقة لمعدلات التضخم
تشير الأرقام غير الرسمية إلى أن معدل التضخم الحقيقي في مصر قفز إلى 101 بالمئة بقائمة معدلات التضخم العالمية التي يعدها ستيف هانك، أستاذ الاقتصاد المعروف في جامعة "جونز هوبكنز".

واحتلت مصر المرتبة السادسة عالميا من بين أسوأ 21 دولة على مستوى العالم من حيث ارتفاع تلك المعدلات الحقيقية للتضخم.

على المستوى الرسمي، قفز معدل التضخم في مصر أكثر من المتوقع خلال شهر شباط/ فبراير 2023، وسجل نحو 40% بحسب بيانات البنك المركزي المصري، فيما أظهرت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر قفز بأكثر من المتوقع إلى 31.9 بالمئة في شباط/ فبراير، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات ونصف السنة، وذلك من 25.8 بالمائة في كانون الثاني/ يناير.


حلول مؤقتة ونتائج محدودة
في تقديره لمدى تأثير تلك الإجراءات الحكومية، يقول استشاري تمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، الدكتور علاء السيد، إن "الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية يعكس نقص الإمدادات، وتأثير هبوط الجنيه، كما أن الأذرع العسكرية للاقتصاد تحاول أن تحل محل المجتمع المدني والعمل الأهلي بعد تفكيكه وضربه في مقتل".

مضيفا لـ"عربي21" أن "الأزمة ليست سببها غلاء أسعار مواد الغذاء التي عادت إلى مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية بل إلى أزمة انهيار الجنيه المصري أمام الدولار، وارتفاع معدلات التضخم في الطعام إلى أكثر من 100%، بالتالي فإن الدولة هي المسؤولة عن هذه الأزمة وكان يفترض أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها لكن ما حدث هو العكس".

واعتبر أن "مثل هذه المبادرات لن تحقق أي خفض في الأسعار لأنها ليست مرتبطة بنقص السلع أو جشع التجار بل مرتبطة بانهيار العملة، وارتفاع فواتير استيراد السلع الغذائية، ولن يكون أمام الأسرة المصرية سوى المزيد من الضغوط، ويجب أن تستمر هذه المعارض طوال العام وتكون معارض دائمة وليست مؤقتة لأن واجب الدولة تصحيح الأوضاع الخاطئة التي تسببت فيها ووقع في شركها المواطنون".









الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع