تقارير

مسجد الساطون.. أقدم جوامع نابلس فشل الاحتلال في تغيير هويته

مسجد الساطون من أقدم مساجد مدينة نابلس، وقد قام ببنائه جمال الدين الطاهر في عام (688ه/1289م)"..
يعتبر مسجد الساطون في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية من أقدم وأعرق مساجد هذه المدينة التاريخية وهو قائم منذ أكثر من 730 عاما وتقام فيه كل الصلوات بما فيها صلاة الجمعة.

وحاول الاحتلال الإسرائيلي قبل ثلاثة عقود من الزمن تغيير معالم هذا المسجد من خلال زعم ترميمه إلا أن سكان مدينة نابلس كانوا حريصين كل الحرص على أن يعيدوا ترميمه بشكل مهني ليكون جاهزا للصلاة وليحافظ على طابعه الإسلامي الذي عرف به منذ مئات السنين.

ويقع المسجد بحسب مروان الأقرع، المختص في تاريخ فلسطين والقدس في حي الياسمينة في قلب البلدة القديمة من مدينة نابلس وهو من الجوامع التي تقام فيها صلاة الجمعة.


                          مروان الأقرع الباحث والمتخصص في تاريخ فلسطين والقدس

وقال الأقرع  لـ "عربي21":  "مسجد الساطون من أقدم مساجد مدينة نابلس، وقد قام ببنائه جمال الدين الطاهر في عام (688ه/1289م)".

وأضاف: "إن الشيخ عبد الغني النابلسي قام بزيارة هذا المسجد في عام (1101ه/1689م)، ويبلغ طول حرم الجامع نحو (25) مترا وعرضه نحو (16) مترا وله ساحة نصفها مسقوف والنصف الآخر مكشوف".

وأوضح الأقرع أن الجامع يتكون من مدخلين غربيين وبيت للصلاة وساحه شمالية مكشوفة، وأيوانين شماليين ومئذنة.

وأشار إلى أن المساحة الكلية للأرض التي يقام عليها الجامع تبلغ 417 مترا، وهو وقف إسلامي عام تشرف عليه دائرة اوقاف نابلس التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.

وقال الأقرع: "يعرف ويشتهر هذا الجامع العريق باسم جامع الساطون نسبة إلى الساطون القائم فيه وهو العمود الحجري الأسطواني الشكل والضخم الحجم والقائم، وهو في وسط الإيوان الشمالي الشرقي للجامع ويستعمل الآن كدعامة لحمل سقف الإيوان.

وأضاف: "يستفاد من النقش الرخامي الكتابي الواقع أعلى الواجهة الجنوبية من الساحة الشمالية المكشوفة والذي يذكر بأن إعادة بناء قد حدثت للجامع سنة 688هـ/1288م من العهد المملوكي وأن ذلك قد تم على يد الأمير شمس الدين بن الطاهر الشهيد.

وأوضح الأقرع أن النقش الثاني الواقع أعلى مدخل المئذنة الجنوبي يشير إلى أن المئذنة المملوكية السابقة للجامع قد انشئت في سنه759هـ/1358م على يد محمد بن ابراهيم الشهيد.

وأضاف: "أما النقش الثالث الواقع أعلى عقد الايوان الشمالي الغربي فيشير إلى أن الحاج صدقه الحصري قد قام سنه798هـ/1399م ببناء مكان في المسجد دون تعريف ولكنه على الأرجح سدة بيت الصلاة الحجرية".

وأشار الأقرع أنه في جامع الساطون كان يتم تعليم العلوم العامة بالإضافة إلى الفقه الحنفي.

ونوه إلى أن "عين العسل" تقع في محلة الياسمينة بالقرب من جامع الخضرة وتوزع مياهها على الأهالي في محلة الياسمينة عبر قنوات وقد قامت المشيخة الإسلامية بتزويد جامع الساطون من مياهها، تجمع مياه العين ثم تضخ عبر مضخات إلى البيوت.

ومن جهته قال إياد ذوقان مدير عام آثار نابلس إن مسجد الساطون شهد عمليات ترميم متواصلة منذ ما يزيد عن السنتين، تتولاها لجنة إعمار محلية من رواد المسجد وجيرانه شكلتها مديرية الأوقاف، ويشرف على أعمال الترميم خبراء من وزارة السياحة والآثار.


                                        إياد ذوقان.. مدير حماية آثار محافظة نابلس

وأضاف ذوقان لـ "عربي21": "شهد مسجد الساطون خلال سنوات ما بعد الاحتلال الإسرائيلي لنابلس، عمليات ترميم عديدة، لكنها، على أهميتها، أفقدته طابعه المعماري الأثري، عبر تغليف جدرانه الداخلية الحجرية بالبلاط الصيني".

واعتبر الترميم الحالي للمسجد بأنه يهدف إلى إبراز معالمه الأثرية وهويته الإسلامية التي طمست في عهد الاحتلال بذريعة الترميم.

وقال ذوقان: "كل ما يتعلق بعمليات الترميم بالمسجد يتم بموافقة وزارتي الآثار والأوقاف، وأن مدير دائرة الآثار بنابلس يشرف بنفسه على الترميم".

وأضاف: "مراحل عديدة مرت بها عملية الترميم، وكانت البداية بترميم الجدران الخارجية والمئذنة، ثم جرى الانتقال إلى داخل المسجد واقتلاع البلاط الصيني، وإجراء بعض التحسينات".

وتابع: "كانت هناك بعض المحاريب القديمة والتي تشكل عائقًا وتقسم المسجد إلى قسمين شبه منفصلين، فتم أزالتها من أجل توحيد صحن المسجد".

وأوضح ذوقان أن مساحة المسجد تزيد على الـ 700 متر مربع، ويشكل في فصل الصيف، لا سيما في شهر رمضان، ملاذًا للمصلين الباحثين عن الأجواء الرطبة، حيث يقصده المصلون من شتى أنحاء المدينة.

وقال: " إن إعادة الطابع المعماري القديم للمسجد يكسبه مزيدًا من البرودة في فصل الصيف والدفء في الشتاء".

ومن جهته اعتبر أستاذ الإعلام والاتصال في الجامعات الفلسطينية الدكتور محمد أبو الفحم أن مسجد الساطون واحد من أهم المساجد التاريخية في نابلس وفلسطين، مطالبا بضرورة الحفاظ عليه.


                      محمد أبو الفحم أستاذ الإعلام والاتصال في الجامعات الفلسطينية

وشدد أبو الفحم في حديثه لـ "عربي21" على أهمية المحافظة على الطابع الإسلامي وهويته هذا المسجد الذي حاولت الدولة العبرية طمسها من خلال ترميمه لإخفاء معالمه.

وقال: "مسجد الساطون واحد من المساجد التاريخية في قلب حي الياسمينة وفي فلسطين، وكان الماء يصله قبل مئات السنين عبر عين العسل الأثرية ".

وأضاف: "المسجد كان منارة للعلم ويجب الحفاظ عليه من أجل أن يبقى شامخا بتاريخه العريق الذي يحاكي عراقة مينة نابلس التي تحتضنه.

ودعا أستاذ الإعلام والاتصال إلى ضرورة إعمار هذا المسجد من قبل المواطنين باستمرار والترويج له من أجل النهوض بالمواقع الأثرية والحفاظ على الموروث الثقافي في فلسطين.

 وشدد على ضرورة العمل على المحافظة على الموروث الثقافي وحمايته وتنفيذ مشاريع الترميم لكافة المواقع الأثرية وتهيئة المواقع في كل فلسطين.

واعتبر أبو الفحم أن الاحتلال هو أحد أهم المشاكل التي تواجه الفلسطينيين في ترميم المواقع الأثرية، مشيرا إلى أنه حاول حينما كان يسيطر على نابلس تغيير معالم هذا المسجد الأثري بتشويه من خلال ترميم غير مناسب له.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع