صحافة دولية

ذا نيشن: هل يغرق بايدن نفسه في وحل غزة؟

يدعم بايدن إسرائيل في حربها على غزة منذ اليوم الأول - جيتي
كان النهج الذي اتبعه الرئيس الأمريكي جو بايدن في التعامل مع غزة بمثابة كارثة أخلاقية وسياسية جعلت عودة ترامب إلى البيت الأبيض أكثر احتمالًا؛ فما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟

ونشر موقع "ذا نيشن" تقريرًا، ترجمته "عربي21"، قال فيه إن أزمة غزة واستجابة إدارة بايدن لها أدت إلى تغيير كبير في ديناميكيات السياسة الأمريكية قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، فقد أصبح الآن هناك تحديان كبيران أساسيان في استراتيجية اليسار والاستراتيجية التقدمية.

وأكد الموقع على أنه لا بد أن تتغير سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وفلسطين، سواء فيما يتعلق بالأولوية المباشرة اليوم ــ وقف دائم لإطلاق النار الآن! ــ أو على المدى الطويل، عندما يتعين وضع حد للعادة التي استمرت لعقود من الزمن المتمثلة في إصدار شيك فارغ بقيمة مليار دولار لإسرائيل.

ولفت الموقع إلى أن مهمة إقناع جميع الدوائر الانتخابية التي تشكل الأغلبية المناهضة لـ "اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى" - شعار الرئيس السابق دونالد ترامب - بالتصويت للمرشح الديمقراطي للرئاسة أصبحت أكثر صعوبة؛ إذا كان هذا المرشح هو جو بايدن؛ حيث إن الاشمئزاز واسع النطاق من احتضان بايدن للعنف الإسرائيلي الساحق قد كلفه الدعم بين الدوائر الانتخابية الديمقراطية المهمة في الولايات التي تمثل ساحة معركة رئيسية، حتى في الوقت الذي يتحدث فيه ترامب والحزب الجمهوري علنًا عن القمع القاسي الذي يعد أساسيًا في أجندتهم الاستبدادية.

وبين الموقع أنه لا أحد يستطيع أن يخمن ما إذا كان هذا الاشمئزاز سيستمر مع الاقتراب من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، لكنه قد يشجع بالتأكيد الامتناع عن التصويت أو تصويت طرف ثالث، وكلاهما سيكون في الواقع تصويتًا للمرشح الجمهوري.

ولفت الموقع إلى أنه للتعامل مع هذه التحديات؛ يحتاج اليسار إلى تعديل الإستراتيجية السياسية والانتخابية التي كانت مهيمنة في صفوف الديمقراطيين قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر؛ حيث إن هناك حاجة إلى نهج يدفع حركة الحقوق الفلسطينية إلى الأمام ويزيد الضغط على بايدن للانسحاب أو إجباره على التنحي، لصالح مرشح أكثر قدرة على الفوز في الانتخابات الرئاسية 2024.

واعتبر الموقع أن نهج بايدن تجاه غزة كان بمثابة كارثة أخلاقية وسياسية؛ حيث إن معانقة نتنياهو والتعهد بتقديم مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بمليارات الدولارات، جعلا الولايات المتحدة والرئيس شخصيًّا بطلين للقتل الجماعي الإسرائيلي. ولقد أدى موقف بايدن إلى تنفير الدوائر الانتخابية الحاسمة في الائتلاف الذي أوصله إلى فوزه على ترامب عام 2020، وكما حذر جيمس زغبي في مقالته الصادرة في 8 تشرين الثاني/نوفمبر في هذه المجلة: "يزعم بعض الإستراتيجيين الديمقراطيين أن الأمريكيين العرب، والملونين، والناخبين الشباب التقدميين سوف ينسون قريبًا خيبة أملهم ويصوتون في عام 2024 كما فعلوا في عام 2020. وهذا الموقف مهين - ومحفوف بالمخاطر".



وأوضح أن تنحية بايدن من الترشح للرئاسة الأمريكية المقبلة مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة؛ حيث كانت هناك تقارير عن القلق في دوائر الحزب الديمقراطي رفيعة المستوى بشأن كون بايدن مرشحًا ضعيفًا، وقد طرح ديفيد أكسلرود، كبير الإستراتيجيين في حملات أوباما الناجحة، مؤخرًا فكرة مفادها أن بايدن يجب أن يفكر في التنحي. وتشير أعمدة توماس فريدمان الأخيرة إلى أن البعض على الأقل في مؤسسة السياسة الخارجية يدركون أن ربط واشنطن بالسياسات الإسرائيلية يضر بشدة بمكانة الولايات المتحدة في جميع أنحاء الجنوب العالمي، وإذا تحركت طبقة كبيرة ونشطة من الناخبين المحتملين المناهضين لـ"اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى" للمطالبة بانسحاب بايدن، فقد يحول ذلك هواجس النخبة إلى محاولة جادة مع بادين لكي يتنحى، أو يثير ديمقراطيًا طموحًا آخر لإلقاء قبعته في حلبة الانتخابات.

وأفضل طريقة للوصول إلى هذه التعبئة هي إطلاق حملة تمرد من أجل الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة؛ حيث إن مثل هذا الجهد هو الذي منح بايدن الفضل في التغلب على ترامب في عام 2020 والبدء في إبعاد الحزب الديمقراطي عن الليبرالية الجديدة، لكنه الآن يتعرض للانتقاد لدعمه المطلق لإسرائيل والسياسة الخارجية المتشددة بشكل عام، وتجادل حملة التمرد هذه بأن استبداله يوفر للديمقراطيين أفضل فرصة لهم للاحتفاظ بالرئاسة ومجلس الشيوخ واستعادة مجلس النواب في عام 2024، بحسب التقرير.

وتابع الموقع موضحًا أن مثل هذه الحملة سيكون لها فوائد أخرى؛ سواء نجحت في دفع بايدن جانبًا أم لا؛ فمن شأنها أن تجعل الدفاع عن كل مسؤول منتخب يدعم وقف إطلاق النار قضية وطنية، مما يزيد من الطاقة لما بدأ بالفعل في الظهور كأولوية تقدمية عليا، ويمكن أن تجمع الدوائر الانتخابية التي لها مصلحة كبيرة في التغلب على "اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى" والضغط من أجل تغيير هيكلي عميق تحت مظلة مشتركة، مما يزيد من زخم التغيير بعد انتخابات 2024.

ومن المسلم به أن الوقت قد فات؛ وأن الجوانب العملية لإطلاق مثل هذا الجهد - بدءًا بإيجاد مرشح راغب وقادر - أمر شاق، ولكن إذا تم تسريع المحادثات التي تستكشف هذا المسار والتي تجري بالفعل، وكانت هناك مؤشرات على دعم واسع النطاق، فقد يتم التغلب على هذه العقبات.



حتى لو لم يكونوا كذلك؛ من الممكن أيضًا اتباع أساليب الخطة الاحتياطية لتنفيذ نفس الإستراتيجية الأساسية؛ حيث يمكن لحملة "استبدل بايدن للتغلب على "اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى"" المنظمة أن تثبت قوتها بطرق أخرى (بما في ذلك الدعوة إلى التصويت الكتابي أو الاقتراع الفارغ في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي)، ومواصلة الضغط من خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي.

واختتم الموقع التقرير بالتأكيد على أن النضال من أجل جعل الحقوق الفلسطينية عنصرًا معترفًا به في الجهود المناهضة لـ"اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى" مهم لأسباب تتجاوز الحصول على المزيد من أصوات المسلمين والعرب والشباب في عام 2024؛ حيث تشكل السياسة الأمريكية الحالية بشأن إسرائيل وفلسطين أحد ركائز النزعة العسكرية الأمريكية وبوابة من أجل تطبيع نسخة جديدة من المكارثية في السياسة والثقافة الأمريكية، ولهذا فإن القتال ضد الفصل العنصري الإسرائيلي يعني إحداث تغيير في السياسات التي تفيد المجمع الصناعي العسكري وتضمن أن الشرق الأوسط معرض لخطر دائم للانفجار في حرب إقليمية أو حتى دولية، إنها نقطة محورية حاسمة في التصدي للهجمات على حرية التعبير وحرية الاحتجاج، وأي ائتلاف يسعى لمناهضة تيار ترامب ويستبعد هذا العنصر من المعركة من أجل السلام والديمقراطية سوف يخسر أكثر من ولاء عدة ملايين من الناخبين؛ وسوف يفقد الأرضية الأخلاقية العالية التي يجب أن يرتكز عليها أي نصر دائم.