صحافة دولية

هل تؤدي سياسات ترامب إلى تحويل الدولار لمصدر عدم استقرار عالمي؟

ضعف عملات الدول الأخرى يجعل من الصعب عليها السيطرة على معدلات التضخم- جيتي
حذر تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" البريطاني، من أن سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد تؤدي إلى تقلبات حادة في قيمة الدولار، ما يجعله مصدرا لعدم الاستقرار الاقتصادي العالمي، موضحا أن هذه السياسات، التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الأمريكي محليا قد تكون لها تأثيرات سلبية تتجاوز الحدود الأمريكية.

ووفقا للتحليل الذي أعده ديفيد لوبين، الباحث الزميل في برنامج الاقتصاد والتمويل العالمي بالمعهد، فإن ترامب يفضل بشكل واضح سعر صرف أضعف للدولار، سعيا لتعزيز تنافسية الصادرات الأمريكية وتقليص العجز التجاري. ومع ذلك، فقد شدد لوبين على أن السياسات الاقتصادية المتوقعة في ظل إدارة ترامب قد تأتي بنتائج عكسية، ومن المرجح أن تؤدي إلى تعزيز الدولار بشكل كبير، ما قد يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي.

وأوضح الكاتب أن الدولار الأمريكي شهد تقلبات ملحوظة خلال العقود الأخيرة، لكنه ارتفع بشكل كبير منذ عام 2011 ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 1985، لافتا إلى أن هذا الارتفاع يعكس تحول التوازن الاقتصادي العالمي لصالح الولايات المتحدة، خاصة مع ضعف الاقتصادين الأوروبي والصيني في السنوات الأخيرة.

وأضاف لوبين أن هذا التوازن من المرجح أن يستمر لصالح الدولار الأمريكي في ظل استمرار هشاشة اقتصادات كبرى مثل الاتحاد الأوروبي والصين. وأشار إلى أن التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب على واردات الولايات المتحدة تؤدي أيضًا إلى تعزيز قيمة الدولار، حيث إنها تتسبب في خفض قيمة عملات الشركاء التجاريين المتضررين، ما يزيد من قوة العملة الأمريكية.

ولم يغفل الكاتب الإشارة إلى السياسات المالية المتوقعة من ترامب، مثل تمديد تخفيضات الضرائب وزيادة الإنفاق العام. وأوضح أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي على المدى القصير، لكنها ستزيد من الضغوط التضخمية، ما قد يدفع الأسواق إلى توقع رفع أسعار الفائدة. وشدد على أن الجمع بين هذه العوامل يميل إلى تعزيز قوة الدولار بشكل إضافي.

وأوضح لوبين أن صعود الدولار إلى مستويات مبالغ فيها يشكل تهديدا كبيرا للاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الدولار القوي يميل إلى تثبيط نمو التجارة العالمية وتقييد وصول الدول النامية إلى أسواق رأس المال الدولية.

ونوه الكاتب إلى أن ضعف عملات الدول الأخرى يجعل من الصعب عليها السيطرة على معدلات التضخم، ما يخلق مزيدًا من التحديات الاقتصادية.

وأشار إلى أن ارتفاع قيمة الدولار إلى مستويات غير مستدامة قد يؤدي إلى أزمة جديدة، حيث قد تُقدم الأسواق على خفض مفاجئ لقيمة الأصول المقومة بالدولار، ما يؤدي إلى اضطرابات واسعة في أسواق الصرف الأجنبي.

خيارات المستقبل
لفت لوبين إلى أن العالم يفتقر اليوم إلى توافق سياسي يسمح بإعادة ضبط الدولار بشكل منظم، كما حدث في "اتفاق بلازا" عام 1985، حين تعاونت الولايات المتحدة مع شركائها التجاريين لخفض قيمة الدولار بطريقة مدروسة.

وأشار إلى أن مثل هذا التعاون يبدو شبه مستحيل في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، خصوصًا مع الصين التي تعتبر أن تعزيز قيمة الين بعد اتفاق بلازا أسهم في تدهور اقتصاد اليابان.

وقال الكاتب إن البدائل المتاحة لمعالجة قوة الدولار تبدو أكثر فوضوية، مشيرًا إلى أن أي محاولات من ترامب للتدخل المباشر قد تضر بمصداقية الولايات المتحدة المالية، مشيرا إلى أن  التدخل في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي أو فرض قيود على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية قد يؤدي إلى نتائج كارثية على الأسواق المالية.

واختتم لوبين تحليله بالإشارة إلى أن سياسات ترامب الاقتصادية قد تضع العالم أمام خيارات صعبة، حيث لا يمكن أن يعود الدولار القوي ولا محاولات إضعافه بشكل عشوائي بالنفع على الاقتصاد العالمي. وشدد على أن مصير الدولار في ظل إدارة ترامب قد يتحول إلى موقف خاسر للجميع، ما قد يفاقم حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في العالم.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع