أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن رئيس
الوزراء بنيامين
نتنياهو، يعدّ شخصا يكره الأخطار ويخشى الحروب، لكنه منذ السابع من
أكتوبر، اكتشف الأفضلية السياسية التي تجلبها الحرب الأبدية، وهو يستمر في توسيع
"حدود إسرائيل".
وقالت الصحيفة في مقال لرئيس تحريرها ألوف بن؛ إن
"نتنياهو يجسد حلم
إسرائيل الكبرى من نتساريم في غزة وحتى قمة جبل الشيخ في
سوريا"، مضيفا أن "الجيش الإسرائيلي يقترب من هدف وضعه لنفسه خلال سنوات
كثيرة في خطط الحرب بجبهة الشمال، وهو تثبيت خط على مدخل العاصمة السورية".
وتابعت: "دمشق الآن بعيدة عن بندقية الجيش
الإسرائيلي، الذي احتل المنطقة العازلة قرب الحدود، وأعلن أنه لم يتجاوز
حدودها"، مستدركة: "السيطرة على المنطقة العازلة دون أي معارضة تم عرضها، كعملية دفاع لنظرية القاطع الأمني ردا على انسحاب الجيش السوري، الذي تخلى عن
الحدود".
صورة انتصار
ولفتت الصحيفة إلى أن "الجيش الإسرائيلي احتفل
بصورة انتصار، ورفع علم إسرائيل على قمة جبل الشيخ والدبابات في القنيطرة، مع طمس
حقيقة أن الأمر يتعلق بأراضي سوريا"، مضيفة أن "إسرائيل أبلغت المجتمع
الدولي بأن العملية هي مقلصة، وأن الجيش احتل فقط مواقع عدة".
وذكرت أن العملية البرية رافقتها موجة هجمات من الجو
والبحر، ودمرت فيها إسرائيل سلاح الجو ومنظومة الصواريخ ومركز الأبحاث الأمنية في
سوريا، منوها إلى أنه "تم الاحتفال بهذه العمليات كنجاح كبير للجيش
الإسرائيلي منذ حرب الأيام الستة، رغم تنفيذها دون أي مقاومة سوريّة".
وطرحت "هآرتس" تساؤلات عدة أمام هذه
التطورات، منها: "إلى متى ستسيطر إسرائيل على هضبة الجولان؟ وماذا يتوقع أن
يحدث إذا غلبت الفوضى في سوريا وتم توجيه جزء منها نحو إسرائيل؟ هل سيبقى الجيش
الإسرائيلي في هذه المواقع، أم إنه سيتقدم نحو دمشق لتوسيع القاطع الأمني؟".
وأشارت إلى أن نتنياهو نسب لنفسه الفضل في إسقاط
نظام الأسد، وذلك عبر الخطوات الإسرائيلية ضد إيران وحلفائها في غزة ولبنان، وذهب
خطوة أخرى وأعلن عن إلغاء الاتفاقات السياسية في سوريا، وأعلن أن اتفاق "فصل
القوات" انهار.
وشددت على أنه بذلك، أنهى نتنياهو الاتفاق الذي تم
التوقيع عليه عند انتهاء حرب "يوم الغفران"، الذي تم الحفاظ عليه بحرص
مدة خمسين سنة، لافتة إلى أنه "بحسب المنطق الإسرائيلي، فإن هذا الانهيار يسمح
لتل أبيب بإزاحة الحدود شرقا، رغم انتقاد الأمم المتحدة ودول عربية صديقة".
وتابعت: "لم يكتفِ نتنياهو بمحو الحدود في هضبة
الجولان، ففي تقديم شهادته بمحاكمة الفساد زاد في ذلك وقال؛ إن ما حدث هزة أرضية لم
تكن منذ مئة عام، أي منذ اتفاق سايكس بيكو"، مستدركة: "نتنياهو يبالغ
كالعادة، لكن أقواله لها معان سياسية".
منظومة الحدود
وأوضحت "هآرتس"، أن "ذكر نتنياهو
اتفاقا من عام 1916 بين الدول العظمى الاستعمارية بريطانيا وفرنسا، التي قسمت
بينها أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة
حتى الآن، لم يهدف إلى تعليم التاريخ للقضاء، بل هو تلميح بأن منظومة الحدود في
المنطقة انتهت".
ونوهت إلى أنه "خلال معظم سنوات حكمه، كان
نتنياهو كارها للأخطار ويخشى المعارك، لكن الحرب الحالية، أظهرت له أن المقاربة
العسكرية بالحد الأقصى، تأتي بمكاسب استراتيجية كبيرة وأفضلية سياسية داخلية".
وأردفت بقولها: "يبدو أن نتنياهو يعمل على
تشكيل إرثه كزعيم قام بتوسيع حدود إسرائيل بعد خمسين سنة على الانسحاب
والتقلص"، معتقدة أن التأييد المتوقع من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، سيعزز طموحات إسرائيل الجغرافية.
وختمت "هآرتس" بقولها: "حسب كل
الدلائل، نتنياهو يريد أن يتم ذكره بأنه مجسد "إسرائيل الكبرى"، ليس فقط
كمتهم بالرشوة ومتآمر سياسي، الذي تخلى عن مئة مخطوف في غزة؛ لذلك، هو سيحاول
التمسك بسيطرة إسرائيل في شمال قطاع غزة؛ ولذلك، لن يسارع إلى الانسحاب من المناطق
الجديدة التي احتلت في الجولان، وربما في ظروف ما يزيدها".