شدد
الفنان السوري
يحيى حوى، على ضرورة إعادة
بناء الإنسان السوري، الذي تعرض للظلم على مدى عقود، قبل البدء بإعادة بناء
البنيان بعد سقوط النظام.
وأشار حوى في لقاء خاص مع "عربي21"
في العاصمة السورية، إلى أنه يزور دمشق لأول مرة بعد خروجه من البلاد قبل أكثر من
40 عاما، معربا عن سعادته بالغناء في ساحة الأمويين خلال مهرجان الاحتفال بسقوط
النظام الجمعة الماضي.
وتاليا نص الحوار مع يحيى حوى كاملا:
أنت في دمشق الآن بعد عقود طويلة من الغياب..
ما هو شعورك الآن؟
ممكن أن نعتبر أن هذه الزيارة هي الزيارة
الأولى إلى دمشق لأني خرجت من
سوريا عندما كان عمري 5 سنوات، بعد استشهاد والدي
رحمه الله. طبعا الشعور في القدوم إلى بلدك بعد قصص تسمعها من أقاربك وأصدقائك عن
سوريا في حين أنت محروم من زيارتها هو شعور قاس جدا.
مقابل هذا الشعور والحرمان على مدى 40 عاما،
فقد تفجرت كل المشاعر والعواطف أمام هذا البلد الذي تربطنا به روابط عظيمة جدا.
كان لك حضور بارز في مهرجان الاحتفال بسقوط
النظام الذي جرى في ساحة الأمويين، كيف وجدت الأجواء؟
كانت لحظات عظيمة جدا، وهي لحظات يتمناها أي
فنان أن يكون مع أهله وناسه وأن يقدم لهم رسالته الفنية التي يقدمها دائما. كنت
أتمنى دائما أن أقدم رسالة الفن التي صدحت بها في أكثر من 40 دولة غنيت فيها
لسوريا. الآن بعد عمر طويل آتي إلى ساحة الأمويين لأنشد في مشهد مليوني. هذا أكبر
حشد أغني أمامه طيلة حياتي.
خاصة أنه كان في دمشق، هذا كله بالنسبة لي كان
أشبه بالحلم والخيال.
أغنية "ياسمين الشام" أطلقتها في
بداية الثورة ومن ثم تحولت إلى أنشودة تتردد على نطاق واسع، كيف وجدت أداء هذه
الأغنية بالعلن مع الحشود في دمشق؟
هناك رمزية رائعة لهذا الأغنية، الشباب الذين
كانوا موجودين بالساحة كلهم كانوا أطفالا. وكان يصلني رسائل من الشباب حول غناء
هذه الأغنية قديما بالسر. البعض طلب مني أن أغير بيتا في الأغنية وهو "ما
جربت الحرية"، صحيح جربنا الحرية الآن لكن هذه الأغنية من ذاكرة
الثورة السورية.
والآن نحن جربنا الحرية ونصرخ بها في كل مكان.
لا بد أنك تذكرت الوالد في هذه اللحظات؟
نعم أول ما وطئت قدماي مدينتي حماة ذهبت إلى
قبر والدي رحمه الله وقرأت له الفاتحة وبشرته بأن النصر قد أتى بسواعد الشباب وأن
دمه ودماء الشهداء الذين قدموا أرواحهم لسوريا لم تذهب هدرا منذ عشرات السنين، منذ
مجزرة حماة.
هل هناك أعمال فنية للاحتفاء بنجاح الثورة
وسقوط النظام؟
هناك بالتأكيد أعمال فنية الآن متفائلة بالنصر
مثل "بدنا نعمرها سوريا" و"رفرف علم الحرية" و"مبروك
عليك سوريا"، التي قد تتفاجأ إذا أخبرتك الآن أنني سجلتها في عام 2012 لأجل
أن أنشدها لأن الأسد كان على وشك أن يسقط في تلك الأثناء، وكنت أريد أن أكون أول من
يغني أغنية النصر. وبالفعل النظام كان ساقط لولا الدعم الذي حصل عليه من مليشيات
إيران وروسيا.
فعندما سقط النظام في الثامن من ديسمبر أطلقتها
مباشرة.
ما هي توقعاتك من سوريا الجديدة.. وتطلعاتك؟
أملي بهذا البلد أن نقوم قبل البدء بإعادة بناء
البنيان أن نبدأ بإعادة بناء الإنسان. الإنسان السوري تعرض خلال العقود الأخيرة
للظلم وجرى تهديم الكثير فيه.
يجب أن نسعى إلى إعادة بناء الإنسان ومن ثم نتجه
إلى البنيان، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بأيدي أهل البلد. السوريون انتشروا في كل
العالم ونشروا الثقافة والعلم والحضارة، ولا تكاد تجد بلدا ذهبوا إليه إلا وقدموا له، لأنهم أصحاب حضارة وهمة لا يرضون أن يعيشوا على الهامش.
الآن آن الأوان كي يعودا إلى بلدهم من أجل أن
يعيدوا بناءه، ونقول لهم: سوريا بتناديكم، سوريابتناديكم..