لم يستغرق الأمر فترة طويلة لتشكيل حكومة تحل مكان حكومة الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، فقط كل ما احتاجه الأمر هو بسط "حكومة الثورة" في إدلب على باقي البلاد.
وهي حكومة تمارس عملا إداريا وسياسيا وتنظيميا منذ أكثر من 6 سنوات، وبالتالي فإن لديها من الخبرات الإدارية ما يسهل عملها وملء الفراغ.
من المناصب السيادية التي يدور حولها الاهتمام منصب وزير الخارجية ومدير الاستخبارات فهما سيكونان الواجهة في العلاقات الخارجية التي تحتاج إلى ترميم واستعادة الثقة.
أسعد شيباني
اتخذ أسماء مستعارة عديدة، منها: "نسيم"، "أبو عائشة"، "أبو عمار الشامي"، "حسام الشافعي"، والأكثر شهرة "زيد العطار".
تولى إدارة التواصل السياسي داخل "هيئة تحرير الشام" لسنوات طويلة، ويعتبر مهندس علاقات "الهيئة" مع العالم الخارجي والمنظمات الدولية.
يعرف بهدوئه وذكائه في إدارة التواصل السياسي ولعب دورا بارزا في التواصل مع الفعاليات الشعبية في إدلب وباقي المناطق السورية.
أسعد حسن
الشيباني، ولد في محافظة الحسكة عام 1987، انتقل مع عائلته للسكن في محافظة دمشق، وتخرج من جامعة دمشق عام 2009 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تخصص اللغة الإنجليزية وآدابها.
حصل على الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الخارجية من جامعة "صباح الدين زعيم" في تركيا عام 2022، وأكمل فيها درجة الدكتوراه في التخصص نفسه عام 2024.
وأنهى كذلك المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية.
انضم للثورة السورية منذ بدايتها عام 2011 وشهد كل مراحلها ولم يفارق ساحتها منذ تلك اللحظة.
كان الشيباني من مؤسسي "جبهة النصرة" التي ارتبطت بتنظيم القاعدة عام 2012، وعمل في الجهاز الإعلامي التابع لها وهي "مؤسسة المنارة البيضاء"، تحت اسم "أبي عائشة منارة".
شغل الشيباني بعد ذلك دور المتحدث الرسمي باسم "جبهة فتح الشام" وذلك في عام 2016 مباشرة بعد استقلال "فتح الشام" عن "القاعدة" بسبب خلافات سياسية وفكرية، وكان من المشاركين في مفاوضات الاتفاق الذي عرف باتفاق "المدن الأربع" خلال عام 2017.
كما أنه شغل منصب رئيس إدارة الشؤون السياسية في "هيئة تحرير الشام" الاسم الحالي لـ "جبهة فتح الشام" وذلك في عام 2017، ثم شارك في تشكيل حكومة الإنقاذ السورية وشغل نفس المنصب فيها.
عمل في الجانب الإنساني وأقام علاقات مع الأمم المتحدة ووكالاتها وساهم في تسهيل العمل الإنساني في شمال غرب
سوريا.
كلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة الانتقالية الجديدة التي يقودها محمد البشير التي تولت السلطة في البلاد حتى آذار/ مارس المقبل، من أجل تسيير أعمال المؤسسات السورية وبما يضمن استمرار الخدمات الأساسية للمواطنين، وذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، ودخول قوات الفصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق.
خاض الشيباني مواجهة إعلامية مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي، محذرا إيران من بث الفوضى في بلاده، وقال في منشور على منصة إكس "يجب على إيران احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، ونحذرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحملهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة".
تصريحات الشبياني جاءت ردا على تصريحات عراقجي التي قال فيها: "من يعتقدون بتحقيق انتصارات في سوريا، عليهم التمهل في الحكم، فالتطورات المستقبلية كثيرة".
تنتظر الشيباني مهمة ثقيلة في ظل سعي السلطة الجديدة في سوريا لإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية مع الدول والحكومات المختلفة، وإقناعها بأهداف تلك السلطة بما يطمئن بعض تلك الدول والحكومات التي تنتظر وتتمهل لمعرفة نواياها المتعلقة بالمرحلة الجديدة والانتقال السياسي في البلاد.
أنس خطاب
عرف باسم أبي أحمد حدود، وذلك بعد توليه موقع "أمير الحدود" في تنظيم "الدولة في العراق"، قبل أن ينضم للشرع في "جبهة النصرة" ثم "هيئة تحرير الشام".
يوصف بأنه رجل الظل في "تحرير الشام"، فقبل اليوم لم تنشر له أي صورة قبل تعيينه في موقعه الجديد، والمتحكم الأول بخيوطها للشؤون السياسة والأمنية، وعلى درجة عالية من الثقافة.
ولد أنس
خطاب عام 1987 في مدينة جيرود بمنطقة القلمون الغربي بريف دمشق، وبعد إكمال دراسته الثانوية، التحق بجامعة دمشق لدراسة الهندسة المعمارية، لكنه لم يكمل تعليمه وغادر إلى العراق.
بدأت حكاية خطاب مع التنظيمات السلفية في العراق عام 2003، ولاحقا انضم إلى "
تنظيم الدولة في العراق"، بعد سقوط حكم الرئيس العراقي صدام حسين.
كما أنه استطاع النجاة من عدة عمليات استهداف، بينها عملية إنزال جوي أمريكي عام 2004 على مدينة البوكمال شرقي دير الزور.
أصبح الأمير الإداري لـ"جبهة النصرة" في مطلع عام 2014 وفق تقرير لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي التي أدرجته على قائمة "الإرهاب" لارتباطه بتنظيم "القاعدة".
استطاع خطاب توفير أسلحة وتمويل مالي لـ"جبهة النصرة" في سوريا، كما أنه لعب دورا بارزا في هيمنة "تحرير الشام" على إدلب.
وتشير التقارير إلى أن العلاقة الوثيقة بين خطاب والشرع، نشأت عندما كان الاثنان منضويين في التنظيم نفسه في العراق، قبل بدء الثورة السورية في عام 2011، وتشكيل الشرع لتنظيم "جبهة النصرة لأهل الشام" الذي انخرط في المعارك ضد قوات النظام السوري في عام 2012 بشكل رسمي.
وكان خطاب قد نجا من محاولة اغتياله والقبض عليه عدة مرات من قبل القوات الأمريكية، أشهرها محاولة إنزال حصلت في منطقة البوكمال، في ريف ديرالزور الشرقي، في عام 2014.
كان المسؤول الأول في ما يتعلق بالأمور الأمنية في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" في منطقة إدلب وما حولها، وذلك لمسؤوليته عن تشكيل وإدارة جهاز الأمن العام في حكومة الإنقاذ هناك.
تولى مهمة الإشراف على جهاز الأمن العام الذي انتشر في معظم المحافظات التي سيطرت عليها "الهيئة"، وبدأ يتولى فيها مهمات تثبيت الأمن وجمع المعلومات، وبناء شبكات استعلام عن أبناء كل منطقة.
عين خطاب رئيسا لجهاز الاستخبارات العامة في حكومة محمد البشير ضمن سلسلة تغييرات هيكلية في المؤسسات الأمنية للإدارة السورية الجديدة، بهدف تعزيز كفاءة الجهاز الأمني وتطوير أدائه.
ولا تزال الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع ورفاقه تسعى جاهدة لبناء سوريا المنهكة من الحرب ومن العقوبات، من جديد.
وقد أظهر الشرع احترافية في مخاطبة الداخل السوري والعالم الخارجي، بحسب غالبية التقارير الدولية، مبديا استعداده للتعاون الدبلوماسي مع المبعوثين الدوليين، قائلا إن تركيزه الأساسي ينصب على إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وأوضح أن "الوضع السوري المنهك بعد سنوات من الحرب والصراعات لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة".
ورحبت الولايات المتحدة ودول غربية وعربية والكثير من السوريين بالإطاحة بالأسد على يد المعارضة بقيادة الشرع.
ويصف بعض المحللين "تحرير الشام" بأنها الشريك الأمريكي الصامت أو المخفي في مكافحة تنظيم الدولة، بينما قوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي الشريك المعلن.
في جميع التحليلات تذهب التوقعات لصالح الشرع ورفاقه ولصالح الشعب السوري الذي يريد أن يعيش في أجواء من الحرية والاستقرار وعدم الخوف الدائم بعد أن يمسح من ذاكرته فترة سوداء من تاريخه الوطني.