"أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم أطفال، يحتاجون للمساعدة في
السودان، بعد عشرين شهرا من الحرب" بهذه المُعطيات المُستجدّة، دقّ مكتب
الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ناقوس الخطر، بخصوص الوضع في السودان.
وعبر بيان صحفي، الاثنين، دعت المنظمة الأممية، إلى: "تعبئة دولية -غير مسبوقة- في مواجهة أزمة إنسانية" وصفتها بـ"المروّعة". فيما تطالب "الأوتشا" بمبلغ قياسي قدره 4.2 مليار دولار لدعم نحو 21 مليون شخص داخل السودان.
وفي الوقت الذي تواصل فيه المنظمات الإغاثية الدولية، دق ناقوس الخطر، بخصوص المجاعة، ويتم توجيه أصابع الاتّهام لكل من الجيش وقوات الدعم السريع باستخدام "أساليب التجويع كسلاح حرب". تنفي الحكومة السودانية المرتبطة بالجيش "وجود المجاعة".
ما الذي يحصل؟
كيف يعيش السودانيون؟
كثيرة هي العبارات التي بات يلخّص بها السودانيون، أوجاعهم، ويطالبون العالم بتذكّرهم، وذلك عبر جُملة منشورات وتغريدات، كلما خفت على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، إلّا وعادت بشكل متسارع.
يقول عدد من السودانيين، خلال منشورات متفرّقة، رصدتها "عربي21"، إننا: "نعايش، قسرا، أوضاعا إنسانية مُزرية، نموت في صمت، والعالم لا يتذكّرنا أساسا"، مردفين: "السودانيات أصبحن ضحايا للاغتصاب والانتهاكات، وحياة الأطفال في خطر".
وأسفرت الحرب المُستمرّة، بين
الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل الآلاف، في خضمّ تقديرات تتراوح بين 20 ألفا و150 ألف شخص، ناهيك عن كونها خلّفت ما يقدّر بنحو 11 مليون نازح؛ وذلك في قلب واقع صعب، ومُتفاقم، ومجاعة تهدّد كامل السودان، بمن فيه.
إلى ذلك، وثّقت عدّة منشورات، رصدتها "عربي21"، الواقع السوداني بكل ما فيه، من البنية التّحية التي سوّيت بالأرض، إلى الأعداد المتزايدة من السكان والنازحين، لمشاكل الصرف الصحي وما يخلّفه من أمراض، خاصة عقب انهيار القطاع الصحي؛ بالإضافة إلى الصدمة النفسية التي بات يعاني منها كل سوداني.
وفي السياق نفسه، أوضحت المصادر نفسها، أن الوضع المُعاش في قلب السودان، يبرز أيضا أن القطاع الصحي بات شبه مُنهار؛ وبحسب السلطات الصحية في السودان، فإن 54 طبيبا قد قُتل في ولاية الخرطوم منذ بدء الحرب، كما أن حوالي 70 إلى 80 في المئة من مرافق الرعاية الصحية في السودان لم تعد تعمل بكامل طاقتها.
بين تحذيرات الأمم المتحدة ونفي السودان
بحسب الأمم المتحدة، فإن: "الأزمة الناتجة عن الحرب في السودان، هي إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث". فيما تشير عدّة تقارير أممية، إلى تدهور الوضع الإنساني في السودان، وتحذّر من أن المجاعة تهدد السكان في هذا البلد.
وفي جلسة سابقة لمجلس الأمن الدولي، بخصوص الوضع في السودان، قالت مديرة قسم العمليات والدعوة بالمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية، إيديم وسورنو، إن "السودان هو المكان الوحيد في العالم الذي تم تأكيد المجاعة فيه".
كذلك، أوضح تقرير عن الأمن الغذائي، أن: "نصف سكان السودان أو ما يقرب من 25 مليون شخص يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، منهم 15.9 مليون شخص عند مستوى الأزمة، و8.1 مليون عند مستوى الطوارئ، وأكثر من 637 ألف شخص عند المستوى الأعلى ويعتبر كارثيا".
في المقابل، أعلن مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، عن رفض بلاده لهذا التقرير.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان، عبد الفتاح البرهان، قد أبرز خلال المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، نهاية العام الماضي، أن: "الحرب مع قوات الدعم السريع تُشرف على النهاية"، وأنه: "لا مجال للتفاوض والهدنة مع أعداء الشعب".
تصريح البرهان، كان قد أتى عقب استخدام روسيا لحق النقض، بغية إسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يدعو لـ"وقف فوري للأعمال العدائية في السودان، وحماية المدنيين من النزاع الذي يمزّق البلد منذ أبريل/ نيسان 2023".
وعقب التصويت على مشروع القرار الذي أيّده 14 عضوا في المجلس، ولم يعارضه سوى المندوب الروسي، رحّبت وزارة الخارجية السودانية، بـ"الفيتو الروسي" بالقول: "حكومة السودان ترحّب باستخدام روسيا الاتحادية حق النقض".
عقب ذلك، أشادت الخارجية السودانية، عبر بيان لها، بما وصفته بـ"الموقف الروسي الذي جاء تعبيرا عن الالتزام بمبادئ العدالة واحترام سيادة الدول والقانون الدولي ودعم استقلال ووحدة السودان ومؤسساته الوطنية".
واليوم الثلاثاء، اتّهمت الولايات المتحدة، روسيا، في الأمم المتحدة، بتمويل الطرفين المتحاربين في السودان، في خطوة وصفتها بـ"الواضحة، بعد تأكيد واشنطن السابق أن موسكو تستغل طرفَي الصراع لتعزيز أهدافها السياسية"، بحسب وكالة "رويترز".
ما هي آخر التطورات السياسية؟
أصدرت الولايات المتحدة، اليوم الثلاثاء، عقوبات جديدة مرتبطة بالسودان، استهدفت فيها قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
وفي أول تعليق رسمي على العقوبات الجديدة، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن: واشنطن فرضتها على قائد قوات الدعم السريع "لدوره في الفظائع الممنهجة المرتكبة ضد الشعب السوداني".
وأضاف أن "عناصر من قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا وإبادة جماعية في السودان". مردفا أن: "الولايات المتحدة، ملتزمة بمحاسبة المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في السودان".
إلى ذلك، أشار إلى أنّ: "العقوبات الحالية هي جزء من جهود واشنطن لتعزيز المساءلة لكل الأطراف المتحاربة التي تغذي أفعالها الصراع".
ويشهد السودان منذ نيسان/ أبريل من عام 2023، حربا عنيفة بين الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، الموالية لمحمد حمدان دقلو الشهير باسم حميدتي. وخلّف هذا النزاع المُتفاقم حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقا للأمم المتحدة.