مقالات مختارة

جحيمُ أمريكا

جيتي
لا يمكن ذكر اسم الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام، من دون ذكر الجحيم، الذي يعني النار والخراب والدمار، فالرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب، يتوعد الشرق الأوسط بالجحيم، وكل تغريداته منذ أن فاز بعهدة رئاسية جديدة في أمريكا، مجرد نيران عابرة للقارات، من الشرق الأوسط إلى بنما ومن الصين إلى كندا، وحتى جزر غرينلند العائمة في أحضان الدانمارك، هددها بالجحيم، وأمريكا نفسها تعاني حاليا جحيم النيران المدمرة التي لم يسبق للبشرية وأن عاشتها في فصل الشتاء، والأحداث الدامية على أرضها بين دهس وإطلاق نار وانتحارات.

كلها مرتبطة بأوضاع خاطئة في بلد صار يريد تقسيم العالم بالجحيم، إلى جزأين، أولهما يعيش فيه هو وحده لا شريك له من دون مكسيكيين ولا “ملوَّنين”، والجزء الثاني لحلفائه من الذين يخضعون لنزواته أو من المطيعين المازوشيين، الذين يحبون أن يبقوا بلا حول ولا قوة، أما بقية العالم فهو يهددهم بالجحيم بين تخويف وتنفيذ.

لم يعد الكيان الصهيوني يتحرّج، وهو ينشر خارطة الأحلام، مقتطعا أراضي سورية ولبنانية وأردنية، لبلدان لها سيادة، ويزعم بأنه صاحب هذه الأرض منذ ثلاثة آلاف سنة، ويصف أبناء الشام جميعا بالغزاة.

ويقول أحد نافخي الجحيم الإرهابي نتنياهو، بأن الكيان الإسرائيلي لا يمكنه أن يحلم برجل داعم له مثل دونالد ترامب، وينصح اليهود بأن يقيموا له تمثالا في كل شبر من فلسطين؛ لأنه الوحيد الذي بارك جحيم غزة، ووعد بمزيد من الجحيم.
عرفت أمريكا الكثير من الرؤساء غريبي الأطوار.

عرفت أمريكا الكثير من الرؤساء غريبي الأطوار، من الذين أعلنوا الحروب في أمريكا الوسطى وجزر بعيدة، وآسيا، وتفادوا نقل الجمر إلى بلادهم، ولكن أن يقول أحدهم؛ إنَّ خارطة ما يسميها “إسرائيل”، صغيرة جدّا، ووجب توسيعُها بأخذ أراضي الغير، فذاك ما لم يخطر على بال أحد؛ لأنَّ ما قاله الرئيس القادم لأمريكا، وما تريد خارطة “إسرائيل التاريخية” المزعومة فرضه كأمر واقع، هو إعلانٌ للجحيم في بلاد مسالمة، احتوت أكبر الحضارات التي مرّت على البشرية، وهو إعلان رسمي عن فتح باب الجحيم، الذي يُعرف عنه بأنه بابٌ إذا فُتح، فإنه لن يغلق أبدا.

في أمريكا نفسها، الناس مقتنعون بأن ترامب لا يحسب لما هو آت، مثل رجالات المال والأعمال الجشعين، الذين يدخلون في صفقات مبهمة المعالم، فيجمعون المال بسرعة ولا يقدّرون ما سيحدث لهم مستقبلا، وقد ينهارون بسرعة؛ لأن الذي ينوّع أعداءه، بين صيني وروسي وعربي ومكسيكي وكندي ودانماركي وفارسي، قد يجد نفسه يحارب نفسه، فتكون نهايته قتلا أو انتحارا، كما حدث لكل الذين عاشوا الجحيم وعيّشوا غيرهم فيه.

اشتهر الرئيس الأمريكي ترومان، بمخاطبته لكل مسؤول أمريكي متهوّر بالقول: “أنصحك لا تقذف كرة الغائط بقدمك في زمن الحرّ”، ويبدو أن الرئيس ترامب، سيلعب بها مباراة ريغبي بالقدم واليد والدماغ، في زمن الجحيم.

الشروق الجزائرية