لماذا يحتفلون بأشلاء الأطفال في حلب؟ لماذا ترقص نخب العار العربية وخاصة القومجية من حراس أحذية الطغاة طربا على موت إخوانهم واغتصاب نسائهم وذبح أطفالهم في حلب؟ لماذا كل هذا الحقد؟ أفرحا بالحقد الفارسي؟ أما طربا للمشروع الروسي؟
ليس مفاجئا أن يقتل نظام الأسد شعبه فقد فعل أبوه نفس الشيء في حماة بالأمس القريب ودك المدينة على رؤوس سكانها فقتل من قتل واغتصب من اغتصب. ليس مفاجئا أن تجوس قوات ولاية الفقيه وميليشياته الدامية والمسلحة بكل ثارات التاريخ بين المدن السورية لتثأر للحسين ولفاطمة من أهلهما قتلا وتشريدا واغتصابا.
وليس مفاجئا أن تجرب قوات الموت الروسية كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا على جثث الأطفال قبل أن تستخدم الغازات السامة في حرب إبادة مفتوحة على ثورة بقيت سلمية مدة ستة أشهر كاملة.
وليس مفاجئا أيضا صمت العالم بمنظماته الدولية وكل مجالس حقوق الإنسان فيه ولجان الدفاع عن الأبرياء وكل قوانين الزيف والكذب والدجل التي تخفي مشاركة في أبشع جرائم القرن الواحد والعشرين.
ليس مفاجئا صمت الشارع العربي وموته فلم تعد تهزه الأشلاء ولا الرؤوس ولا الجماجم المتفجرة ولا أطراف الأطفال تحت الأنقاض فالشارع العربي كالحاكم العربي ينتظر وصول مغول العصر إلى باب داره ليذبحوه.
المفاجأة المفزعة كانت أصوات الاحتفال التي تعالت في أكثر من منبر إعلامي تهليلا "بتحرير حلب من الإرهابيين" وانتصارات "الجيش العربي السوري" في معركة الأمة. "تحرير حلب من الإرهابيين" ومن الدواعش هي في الحقيقة وكما يعلم النظام السوري جيدا كذبة كبيرة لأن داعش هو التنظيم الذي أنقذ نظام الأسد من السقوط تحت أقدام شعبه.
وهو التنظيم الذي أسقط كامل الربيع العربي فحاد بمطالب الشعوب السلمية في الحرية والكرامة والسيادة على الأرض وهو المطلب الذي كان سينسف كل الأطماع الاستعمارية على الأرض العربية.
داعش تنظيم صنع صناعة كاملة من أجل ذبح ربيع الشعوب ومن أجل التشريع لقتل المتظاهرين ومن أجل وأد حلم الأمة في التخلص من رقبة الاستبداد والظلم.
كيف لتنظيم استخباراتي صناعي أن يسيطر على مدن بكاملها على مرأى ومسمع من الطائرات الأمريكية وتحت ظل الأقمار الصناعية العالمية وكل وكالات الاستخبارات الدولية في الوقت الذي نجح فيه الاستعمار العالمي بتدمير الجيش العراقي تدميرا كاملا وتفكيكه بشكل نهائي ؟ داعش في الحقيقة هي الحل السحري الذي أوجدته مراكز القرار العالمية و غذته أنظمة الاستبداد العربية وأمدته بالسلاح والمقاتلين من أجل أن تذبح الأمة نفسها بنفسها.
أما " الجيش العربي السوري" فليس غير وكيل إيراني روسي وحارس رخيص لمصالح الأمم الغازية لأرض العرب تسيطر عليه أقلية علوية عنصرية لم تتردد في استدعاء كل فرق الموت الطائفية من الفرس والأفغان واللبنانيين والروس لتدمير البلد على رأس أهله من أجل أن يحكم رجل واحد بلاد الشام.
"الجيش العربي السوري" هو الجيش الوحيد في العالم الذي قصف شعبه بكل أنواع الأسلحة والصواريخ وهو الجيش الوحيد الذي يشتغل جنرالاته تحت الأوامر المباشرة لأصغر ضابط روسي.
"الجيش العربي السوري" لم يطلق رصاصة واحدة في الجولان وكان الحارس الأمين طوال عقود للحدود الصهيونية التي وجدت فيه خير مقاوم وخير ممانع.
أكذوبتان باهتتان صُنعتا من أجل تبرير قتل العزّل والمدنيين وذبحهم فليست داعش في النهاية إلا كتيبة من كتائب الجيش الطائفي نفسه في سوريا.
هكذا يبرر الطائفيون القابعون تحت العباءة القومية جرائمهم وجرائم أسيادهم في سوريا فصار القومجي العربي مسبحا بحمد الولي الفقيه ومغردا بالنصر " الإلاهي " لحزب الله بعد كل جرائم الحزب الايراني في حق الأطفال والنساء والشيوخ في سوريا.
" القومجيون العرب " كما يسمهم القطاع الأوسع من الأحرار العرب لم يتركوا طاغية إلا وزينوا جرائمه من عبد الناصر إلى القذافي وصولا إلى سفاح الشام في تناغم مفضوح مع المشرع الاستعماري الإيراني على الأرض العربية.
فرغم نهاية الفكرة القومية ووصولها إلى آخر مسارها المشبوه بفعل التطور التاريخي إلا أن الربيع العربي مثل الضربة القاصمة للجريمة القومية وكشف أن المشروع القومي العربي في شكله الفكري والسياسي لم يكن غير عباءة سميكة للمشروع الاستبدادي العربي في شكله الجمهوري ونواته العسكرية.
اليوم وأمام مشاهد الموت والدمار في حلب وأمام أنهار الدماء الطاهرة للأطفال والنساء والرجال والشيوخ يرقص القومجيون طربا لنصر حققه الجيش الروسي وفرق الموت الطائفية الإيرانية لصالح الفرقة العلوية في بلاد الشام.
فلا الوازع الأخلاقي ولا الوازع الديني ولا الوازع الوطني ولا حتى الوازع الإنساني كان قادرا على أن يمنح هؤلاء المرتزقة من القومجيين بعض الحياء أو بعض الوجل أمام جثث الأطفال وأمام دموع الثكالى.
صحيح أن أطفال حلب قد صعدت أرواحهم الطاهرة إلى جوار ربهم لكن كل لعنات الأرض لن تكفي الراقصين على دمائهم حقهم فالمشروع القومي هو في الحقيقة أخطر من المشروعين الصهيوني والصفوي متّحدين.